وأخرج ابن إسحاق والنسائي عنهما: لما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة وهي أوبأ أرض الله، أصاب أصحابه منها بلاء وسقم وصرف الله ذلك عن نبيه، وأصابت أبا بكر وبلالا وعامر بن فهيرة، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادتهم، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب، فأذن لي فدخلت عليهم وهم في بيت واحدة، قالت: "وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى، يقول:" وفي رواية ابن إسحاق والنسائي: فقلت: كيف تجدك يا أبت؟ فقال: "كل امرئ مصبح" بضم الميم وفتح المهملة والموحدة الثقيلة، أي: مصاب الموت صباحا، وقيل: يقال هـ: صبحك الله بالخير وهو منعم "في أهله والموت أدنى" أقرب إليه "من شراك" بكسر المعجمة وخفة الراء: سير، "نعله" الذي على ظهر القدم، والمعنى: أن الموت أقرب إلى الشخص من قرب شراك نعله إلى رجله، وذكر عمر بن شيبة في أخبار المدينة: أن هذا الرجز لحنظلة بن سيار قاله يوم ذي قار، وتمثل به الصديق رضي الله عنه. وفي رواية ابن إسحاق والنسائي: فقلت: إنا لله، إن أبي ليهذي وما يدري ما يقول: ثم دنوت إلى عامر فقلت: كيف تجدك يا عامر، فقال: لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي أنفه بروقه فقلت: هذا والله ما يدري ما يقول، أي: لأنها سألتهم عن حالهم فأجابوها بما لا يتعلق به. والطوق: الطاقة. والروق: القرن يضرب مثلا في الحث على حفظ الحريم، قال السهيلي: ويذكر أن هذا الشعر لعمرو بن مامة. "وكان بلال إذا أقلعت" بفتح الهمزة واللام، ولأبي ذر بضم الهمزة وكسر اللام، "عنه الحمى" أي: تركته، كما في رواية ابن إ سحاق والنسائي، وزادا: اضطجع بفناء البيت، ثم "يرفع عقيرته" بفتح المهملة وكسر القاف وسكون التحتية وفتح الراء وفوقية، أي: صوته بالبكاء، "ويقول: ألا" بخفة اللام أداة استفتاح "ليت شعري" أي: مشعوري، أي: ليتني علمت بجواب ما تضمنه قولي "هل أبيتن ليلة بواد" هو وادي مكة، "وحولي إذخر" بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين: حشيش مكة ذو الرائحة الطيبة، "وجليل" بجيم: نبت ضعيف، "وهل