للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل

اللهم العن شيبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، وصححه لنا..........................................


أردن" بنون التوكيد الخفيفة "يوما مياه" بالهاء "مجنة" بفتح الميم والنون المشددة وتكسر الميم: موضع على أميال من مكة كان به سوق في الجاهلية، "وهل يبدون" بنون التأكيد الخفيفة: يظهرن، "لي شامة" بمعجمة وميم خفيفة على المعروف، "وطفيل" بفتح المهملة وكسر الفاء وسكون التحتية، قيل: وهذان البيتان ليسا لبلال بل لبكر بن غالب الجرهمي أنشدهما لما بعثهم خزاعة من مكة، فتمثل بهما بلالا "اللهم العن" عتبة بن ربيعة و"شيبة بن ربيعة ,وأمية بن خلف،" هكذا ثبت لعنه للثلاثة في البخاري، آخر كتاب الحج وسقط الأول من قلم المصنف سهوا، وبه يستقيم الجمع في "كما أخرجونا" فلا حاجة للاعتذار بأن المراد: ومن كان على طريقهما في الإيذاء ولذا جمع والكاف للتعليل وما مصدرية، أي: أخرجهم من رحمتك لإخراجهم إيانا "من أرضنا" التي توطناها، ولا يشكل بأن لعن المعين لا يجوز لإمكان أنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا يؤمنون، وقد قيل في آية {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: ٦] ، أنها نزلت في معينين، كأبي جهل وأضرابه "إلى أرض الوباء" بالقصر والمد: المرض العام، وهو أعم من الطاعون. وقال المصنف في مقصد الطب: الدليل على مغايرة الطاعون للوباء أن الطاعون لم يدخل المدينة.
وقد قالت عائشة: دخلنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، وقال بلال: أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء، انتهى. فلا يعارض قدومه إليها وهي وبئة نهيه عن القدوم على الطاعون، لاختصاص النهي به وبنحوه من الموت السريع لا المرض، ولو عم "ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" بعد أن أخبرته عائشة بشأنهما. ففي رواية البخاري هنا: قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته. وفي رواية ابن إسحاق والنسائي: فذكرت ذلك لرسول الله، فقلت: يا رسول الله! إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى، فنظر إلى السماء، وقال: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة، أو أشد" فاستجاب الله له وكانت أحب إليه من مكة، كما جزم به السيوطي.
"اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، وصححها لنا"، فاستجاب الله له فطيب هواءها وترابها وساكنها والعيش بها، قال ابن طبال وغيره: من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها. قال العلامة الشامي: وقد تكرر دعاؤه عليه الصلاة والسلام بتحبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>