للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: يرفع عقيرته: أي صوته؛ لأن العقيرة الساق، وكان الذي قطعت رجله رفعها وصاح، ثم قيل لكل من صاح ذلك، حكاه الجوهري.

وشامة وطفيل: عينان بقرب مكة، والمراد بالوادي وادي مكة.

وجليل: نبت ضعيف.


الحج وغيره، ورواه أيضا مسلم وأحمد وابن إسحاق والنسائي، "وقوله: يرفع عقيرته، أي: صوته؛ لأن العقيرة السابق" المقطوعة كما في القاموس فغيرها لا يسمى به. "وكان" فعل ماض "الذي قطعت رجله فرفعها" كما قال الأصمعي، أصله أن رجلا انعقرت رجله فرفعها "وصاح، ثم قيل لكل من صاح ذلك" وإن لم يرفع رجله، "حكاه الجوهري" قال ثعلب: وهذا من الأسماء التي استعملت على غير أصلها، انتهى. فجعله مأخوذا من العقيرة بمعنى الساق، إشارة إلى أنه الأصل لا أنه لا يمكن غيره، فإنه يمكن تفسيره بالصوت الكائن من ألم الحمى التي أصابته. ففي القاموس إطلاق العقيرة على صوت الباكي، "وشامة وطفيل عينان بقرب مكة" كما ارتضاه الخطابي، فقال: كنت أحسبهما جبلين حتى مررت بهما، ووقفت عليهما فإذا هما عينان من ماء، وقواه السهيلي بقول كثير:
وما أنس مشيا ولا أنس موقفا ... لنا ولها بالخب خب طفيل
والخب: منخفض الأرض، انتهى. وقيل: هما جبلان على نحو ثلاثين ميلا من مكة. وقال البكري: مشرفان على مجنة على بريد من مكة، وجمع باحتمال أن العينين بقرب الجبلين أو فيهما، إلا أن كلام الخطابي يبعد الثاني. وزعم القاموس أن شامة بالميم تصحيف من المتقدمين، والصواب: شابة، بالباء، قال: وبالميم وقع في كتب الحديث جميعها، كذا قال وأشار الحافظ لرده. فقال: زعم بعضهم أن الصواب بالموحدة، بدل الميم، والمعروف بالميم، انتهى. "والمراد بالوادي" في قول بلال: بواد "وادي مكة" وقد رواه النسائي وغيره بفج، وهو أيضا واد خارج مكة، يقول فيه الشاعر:
ماذا بفج من الأسواق والطيب ... ومن جوار نقيات عرابيب
"وجليل: نبت ضعيف" له خواص أو شيء يشبه الخوص يحشى به البيوت وغيرها، وهو الثمام بضم المثلثة. قال السهيلي رحمه الله: وفي هذا الخبر وما ذكر فيهم من حنينهم إلى مكة ما جلبت عليه النفوس من حب الوطن والحنين إليه، وقد جاء في حديث أصيل الغفاري، ويقال فيه الهذلي: أنه قدم من مكة فسألته عائشة: كيف تركت مكة يا أصيل؟ فقال: تركتها حين ابيضت أباطحها، وأحجن ثمامها، وأغدق إذخرها، وأبشر سلمها، فاغروقت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "تشوقنا يا أصيل". ويروى أنه قال: "دع القلوب تقر" وقد قال الأول:

<<  <  ج: ص:  >  >>