للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان بطحان يجري نجلا. تعني: ماء آجنا.

وقال عمر: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك. رواه البخاري.


ينهق الحمار، وفي ذلك يقول الشاعر:
لعمري لئن غنيت من خيفة الردى ... نهيق حمار إنني لمروع
وفي حديث البراء عند البخاري: أن عائشة وعكت أيضا وكان أبو بكر يدخل عليها. وأخرج ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: أصابت الحمى الصحابة حتى جهدوا مرضا، وصرف الله تعالى ذلك عن نبيه حتى ما كانوا يصلون إلا وهم قعود، فخرج صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك، فقال: "اعلموا أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، فتجشموا القيام" أي: تكلفوه على ما بهم من الضعف والسقم التماس الفضل، "فكان بطحان" بضم الموحدة وحكى فتحها وسكون الطاء المهملة: معهما، وقيل: بفتح أوله وكسر الطاء، وعزا عياض الأول للمحدثين، والثالث للغويين وبين واد بالمدينة.
روى البزار وابن أبي شيبة عن عائشة مرفوعا: "بطحان على ترعة من الجنة" بضم الفوقية، أي: باب أو درجة "يجري نجلا" بفتح النون وسكون الجيم، أي: ينزنز، أي: ماء قليلا، وقيل: هو الماء حين يسيل، وقيل: الغدير الذي لا يزال فيه الماء. وقال البخاري: "تعني" عائشة "ماء آجنا" أي: متغير الطعم واللون، وخطأه عياض ورده الحافظ: بأنها قالته كالتعليل لكون المدينة وبئة، ولا شك أن النجل إذا فسر بالماء الحاصل من النز فهو بصدد أن يتغير، وإذا تغير كان استعماله مما يحدث الوباء في العادة، انتهى.
"و" استجاب الله لرسوله فسكن محبة المدينة في قلوب صحبه، حتى "قال عمر: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك" لما في كل منهما من الفضل العظيم، فقد روى أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها"، أي: أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في إكرامه. قال السمهودي: فيه بشرى لساكنها بالموت على الإسلام، لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفى به مزية، فكل من مات بها مبشر بذلك، وقال ابن الحاج: فيه دليل على فضلها على مكة لإفراده إياها بالذكر، انتهى. واستجاب الله دعاء الفاروق فرزقه الشهادة بها على يد فيروز النصراني عبد المغيرة ودفن عند حبيبه.
"رواه" أي: هذا الحديث الذي أوله: ووعك أبو بكر "البخاري" عن عائشة في كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>