للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابتاعها بعشرة دنانير أداها من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان قد خرج من مكة بماله كله.

قال أنس: وكان في موضع المسجد نخل وخرب...................................


وامتنع من قبوله إلا بالثمن، "وابتاعها بعشرة دنانير أداها من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه" كما رواه الواقدي عن الزهري، أي: ابتاعها من اليتيم أو من وليهما، إن كنا بالغين، ولا ينافيه وصفهما باليتم؛ لأنه باعتبار ما كان أو كانا يتيمين وقت المساومة، وبلغا قبل التبايع.
وفي حديث عائشة عند البخاري، ثم دعا الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدا. قال الحافظ: ولا منافاة بينه وبين حديث أنس: فيجمع بأنهم لما قالوا: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، سأل عمن يختص بملكه منهم، فعينوا له الغلامين فابتاعه منهما، وحينئذ يحتمل أن القائلين: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، تحملوا عنه للغلامين بالثمن. وعند الزبير أن أبا يوب أرضاهما عن ثمنه، انتهى. وكذا عند أبي معشر. وفي رواية: أن أسعد بن زرارة عوضهما نخلا في بني بياضة، وفي أخرى: أن معاذ بن عفراء، قال: أنا أرضيهما. قال الشامي: ويجمع بأن كلا منهم أرضى اليتمين بشيء فنسب ذلك لكل منهم، ورغب أبو بكر في الخير فدفع العشرة زيادة على ما دفعه أولئك، أو أنه صلى الله عليه وسلم أخذ أولا بعض المربد في بنائه الأول سنة قدومه، ثم أخذ بعضا آخر؛ لأنه بناه مرتين. وزاد فيه: فكان الثمن من مال أبي بكر في إحداهما، ومن الآخرين في الأخرى، انتهى. وذكر البلاذري أن العشرة التي دفعها من مال أبي بكر كانت ثمن أرض متصلة بالمسجد لسهل وسهيل وعرض عليه أسعد أن يأخذها ويغرم عنه لهما ثمنهما، فأبى. وجمع البرهان بأنهما قضيتان وأرضان كلتاهما لليتيمين، فاشترى كل واحدة بعشرة إحداهما المسجد والأخرى زيادة فيه، وأدى ثمنهما معا أبو بكر والواحدة عاقده عليها أسعد، والأخرى معاذ، قال: وما ذكر من شراء أبي أيوب منهما فيحمل على المجاز أنه كان متكلما بينهما أو عقد معهما بطريق الوكالة أو الوصية، أو أنها أرض ثالثة وفيه بعد، انتهى.
"وكان قد خرج من مكة بماله كله" وهو أربعة آلاف أو خمسة، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعطيهما ثمنه عشرة دنانير، كره ابن سعد عن الواقدي عن معمر عن معمر وغيره عن الزهري وقبله لعموم نفع المسجد له ولغيره على عادته من قبول ماله في المصالح بخلاف الهجرة، فأحب كونها من ماله عليه السلام، كما مر. "قال أنس" بن مالك فيما رواه الشيخان وغيرهما: "وكان في موضع المسجد نخل وخرب" بفتح المعجمة وكسر الراء فموحدة جمع خربة ككلم وكلمة هكذا ضبط في سنن أبي داود، قال الخطابي: وهي رواية الأكثر. قال ابن الجوزي: وهو المعروف، وحكى

<<  <  ج: ص:  >  >>