للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقابر مشركين، فأمر بالقبور فنبشت وبالخرب فسويت وبالنخل فقطعت، ثم أمر باتخاذ اللبن فاتخذ، وبني المسجد وسقف بالجريد، وجعلت عمده خشب النخل،


الخطابي: كسر أوله وفتح ثانيه جمع خربة كعنب وعنبة. وللكشميهني بفتح المهملة وسكون الراء ومثلثة وهو وهم؛ لأن البخاري أخرجه من طريق عبد الوارث. وبين أبو داود أن رواية عبد الوارث بمعجمة وموحدة، ورواية حماد بن سلمة بمهملة ومثلثة، ذكره الحافظ، فالوهم إنما هو في روايته في البخاري وإن ثبتت في رواية غيره فهي ثلاث روايات. وجوز الخطابي أنه حرب بضم المهملة وسكون الراء وموحدة وهي الخروق المستديرة في الأرض، أو حدب بمهملتين، أي: مرتفع من الأرض، أو جرب بكسر الجيم وفتح الراء: ما تجر فيه السيول وتأكله الأرض. قال: وهذا لائق بقوله: فسويت؛ لأنه إنما يسوى المكان المحدوب أو الذي جرفته الأرض. أما الخراب فيبنى ويعمر دون ن يصلح ويسوّى. ورده الحافظ، فقال: ما المانع من تسوية الخراب بأن يزال ما بقي منه وتسوى أرضه، ولا ينبغي الالتفات إلى هذه الاحتمالات مع توجيه الرواية الصحيحة، انتهى.
"ومقابر مشركين" زاد في رواية: من الجاهلية، "فأمر بالقبور فنبشت" زاد في رواية وبالعظام فغيبت، "وبالخرب فسويت" بإزالة ما كان فيها، "وبالنخل فقطعت،" وجعلت عمدا للمسجد فيه جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع ونبش القبور الدارسة إذا لم تكن محترمة، قال ابن بطال: لم أجد في نبش قبور المشركين لتتخذ مسجدا نصا عن أحد من العلماء، نعم اختلفوا هل تنبش لطلب المال، فأجازه الجمهور، ومنعه الأوزاعي. وهذا الحديث حجة للجواز؛ لأن امشرك لا حرمة حيا ولا ميتا فيه جواز الصلاة في مقابر المشركين، بعد نبشها وإخراج ما فيها وجواز بناء المساجد في أماكنها. قيل: وفيه جواز قطع الأشجار المثمرة للحاجة وفيه نظر، لاحتمال أن تكون مما لا يثمر.
واحتج من أجاز بيع غير المالك بهذه القصة؛ لأن المساومة وقعت مع غير الغلامين، وأجيب باحتمال أنهما كانا من بني النجار فساوهما واشترك معهما في المساومة عمهما الذي كانا في حجره، كما تقدم ذكره في فتح الباري في موضعين.
"ثم أمر باتخاذ اللبن" بفتح اللام وكسر الموحدة: الطوب النيء، "فاتخذ، وبني المسجد وسقف بالجريد، وجعلت عمده" بفتح أوله وثانيه، ويجوز ضمهما "خشب" بفتحتين وبضم فسكون، "النخل" الذي كان في الحائط. وفي حديث أنس: قصفوا النخل قبلة المسجد. وظاهر هذا الحديث الصحيح أن بناءه باللبن وتسقيفه بالجريد من يومئذ. وروى ابن الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن أنس، قال: بنى صلى الله عليه وسلم مسجده أول ما بناه بالجريد، وإنما بناه باللبن بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>