للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن وسقفها بجذوع النخل والجريد، فلما فرغ من البناء بنى لعائشة في البيت الذي يليه شارعا إلى المسجد، وجعل سودة بن زمعة في البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلي آل عثمان.


"وبنى بيوتا" أي: بيتين فقط، كما صرح به غير واحد، "إلى جنبه" أي: المسجد، "باللبن وسقفها بجذوع النخل والجريد،" ويفيد أنهما بيتان، قوله: "فلما فرغ من البناء" للمسجد "بنى لعائشة" لأنها كانت زوجه وإن تأخر دخوله بها "في البيت الذي يليه شارعا إلى المسجد" وكان باب عائشة مواجه الشام بمصراع واد من عرعر أو ساج، ذكره ابن زيالة عن محمد بن هلال "وجعل سودة بنت زمعة" بفتح الزاي وسكون الميم عند المحدثين وصدر به المجد، فقول المصباح: لم أظفر بالسكون في كتب اللغة قصور "في البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلي" باب "آل عثمان" ثم بنى عليه السلام بقية الحجرات عند الحاجة إليها، قال الواقدي: كان لحارثة بن النعمان منازل قرب المسجد وحوله، فكلما أحدث صلى الله عليه وسلم أهلا نزل له حارثة عن منزل، أي: محل حجرة حتى صارت منازله كلها له عليه السلام، قال أهل السير: ضرب الحجرات ما بين عائشة وبين القبلة والشرق إلى المسجد، ولم يضربها في غربيه، وكانت خارجة من المسجد مديرة به إلا من المغرب، وكانت أبوابها شارعة من المسجد.
قال ابن الجوزي: كانت لها في الشق الأيسر إلى وجه الأمام المنبر إلى جهة الشام، وعن عطاء الخراساني ومحمد بن هلال: أدركنا حجر الزوجات من جريد على أبوابها مسوح من شعر أسود. وروى البخاري في الأدب عن داود بن قيس: رأيت الحجرات من جريد النخل مغشى من خارج بمسوح الشعر، وأظن أن عرض البيت من باب الحجرة إلى البيت نحوا من ستة أو سبعة أذرع، ومن داخل عشرة أذرع، وأظن السمك ما بين الثمان والسبع. وعند ابن سعد: وعلى أبوابها المسوح السود من الشعر. وكتب الويد بن عبد الملك بإدخالها في المسجد، فهدمت، فقال ابن المسيب: ليتها تركت ليراها من يأتي بعد فيزهد الناس في التكاثر والتفاخر. وقال أبو أمامة بن سهل بن حنيف: ليتها تركت ليرى الناس ما رضي الله لنبيه ومفاتيح خزائن الدنيا بيده. قال ابن سعد: أوصت سودة ببيتها لعائشة وباع أولياء صفية بيتها من معاوية بمائة ألف، وقيل: بثمانين ألفا، وتركت حفصة بيتها فورثه ابن عمر، فلم يأخذ له ثمنا، وأدخل المسجد.
قال ابن النجار: وبيت فاطمة اليوم جوف المقصورة وفيه محراب وهو خلف حجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال السمهودي: المقصورة اليوم دائرة على بيت فاطمة وعلى حجرة عائشة من جهة

<<  <  ج: ص:  >  >>