"فقد كانت هذه الغزوة أعظم غزوات الإسلام" أي: أفضلها وأشرفها، قال في الاستيعاب: وليس في غزواته ما يصل لها في الفضل ويقرب منها غزوة الحديبية حيث كانت بيعة الرضوان، انتهى. فليس المراد العظم من حيث كثرة الجند والشدة؛ لأن في غيرها ما هو أقوى منها في ذلك، ويدل لهذا قوله: "إذ منها كان ظهوره" أي: كمال انتشار الإسلام وكثرة الداخلين فيه، "وبعد وقوعها أشرق على الآفاق" جمع أفق بضمتين وبسكون الفاء أيضا، كما مر في: وضاءت بنورك الأفق. وفي القاموس: الأفق بضمة وبضمتين الناحية، انتهى. أي: من الأرض والسماء "نوره" عدله وإصلاحه بعد الشدة التي كان فيها من المشركين، سماه نورا؛ لأنه يزين البقاع ويظهر الحقوق "ومن حين" أي: وقت "وقوعها أذل الله الكفار" بقتل صناديدهم وأسرهم، "وأعز الله من حضرها من المسلمين" والملائكة "فهو عنده من الأبرار" الأتقياء المقربين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لعل الله أطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة "، أو: "فقد غفرت لكم". وقال في حارثة بن سراقة الأنصاري: وقد أصيب يومئذ وأنه في جنة الفردوس وجاءه جبريل، فقال: "ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين، أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة"، رواها البخاري وهي بشارة عظيمة، وقد قال العلماء: الترجي في كلام الله ورسوله للوقوع، على أن أحمد وأبا داود وغيرهما، ورووه بلفظ: "إن الله أطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار من شهد