وذكر ابن إسحاق: أنه صلى الله عليه وسلم دفع اللواء وكان أبيض إلى مصعب بن عمير، قال: وكان أمامه عليه السلام رايتان سوداوان بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر ولواء الأوس مع سعد بن معاذ. قال اليعمري: والمعروف أن سعد بن معاذ كان على حرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش، وأن لواء المهاجرين كان بيد علي ثم روى بسنده عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عليا الراية يوم بدر، وهو ابن عشرين سنة. وأجيب عن الأول بأن هذا كان عند خروجهم وفي الطريق، فيحتمل أن سعد لغيره أدفعه لغيره بإذنه صلى الله عليه وسلم ليحرسه في العريش، إذ هو ببدر. "وكان المشركون ألفا" كما رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن ابن عباس عن عمر، ورواه ابن سعد عن ابن مسعود، "ويقال" هم "تسعمائة وخمسون رجلا" مقاتلا "معهم مائة فرس وسبعمائة بعير" قال ابن عقبة وابن عائذ، والتقييد بمقاتلا لفظهما، فيمكن الجمع بأن باقي الألف الخمسين غير مقاتلين. وعند ابن إسحاق: أنه صلى الله عليه وسلم بعث عليا والزبير وسعد بن مالك في نفر إلى ماء بدر يلتمسون له الخبر، فأصابوا رواية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج وغريض أبو يسار غلام بني العاصي فأتوا بهما، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي فلما سلم، قال: "أخبراني عن قريش" قالا: هم وراء هذا الكثيب الذي تراه بالعدوة القصوى، قال: "كم القوم"؟ قالا: كثير، قال: "ما عدتهم"؟ قال: ما ندري قال: "كم ينحرون كل يوم" قالا: يوما تسعا ويوما عشرا، قال صلى الله عليه وسلم: "القوم ما بين التسعمائة والألف"، ثم قال: "فمن فيهم من أشرف قريش"، فسميا له خمسة عشر، فأقبل صلى الله عليه وسلم على الناس، فقال: "هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها" أي: قطع كبدها، شبه أشرافهم بفلذة الكبد بفاء ومعجمة المستور في الجوف وهو أفضل ما يشوى من البعير عند العرب، وأمرؤ. قال ابن عقبة: وزعموا أن أول من نحر لهم عشر جزائر حين خرجوا من مكة أبو جهل، ثم صفوان تسعا بسعفان، ثم سهيل عشرا بقديد، ومالوا منه إلى نحو البحر فضلوا، فأقاموا يوما فنحر شيبة تسعا، ثم أصبحوا بالأبواء فنحر مقيس الجمحي تسعا، ونحر العباس عشرا، والحارث تسعا، وأبو البختري على ماء بدر عشرا، ومقيس عليه تسعا، ثم شغلهم الحرب فأكلوا من أزوادهم.