للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغماد -يعني مدينة الحبشة- لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.

فقال له صلى الله عليه وسلم خيرا، ودعا له بخير........................................


"الغماد" بكسر المعجمة وتخفيف الميم، قال الحازمي: موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن، وقال البكري: هي أقاصي هجر. وقال الهمداني: هو في أقصى اليمن. قال الحافظ: والأول أولى. وحكى ابن فارس ضم الغين، والقزاز فتحها، وأفاد النووي أن المشهور في الرواية الكسر، وفي اللغة الضم وفي فتح الباري: قال ابن خالويه. حضرت مجلس المحاملي وفيه زهاء ألف، فأملى عليهم حديثا فيه: لو دعوتنا إلى برك الغماد، قالها بالكسر، فقلت للمستملي: هي بالضم، فذكر له ذلك، فقال لي: وما هو فقلت: سألت ابن دريد عنه، فقال: هو بقعة في جهنم، فقال المحاملي: وكذا في كتاب أبي علي الغين ضمت. قال ابن خالويه: وأنشد ابن دريم:
وإذا تنكرت البلا ... فأولها كف البعاد
واجعل مقامك أو مقـ ... ـرك جانبي بكر الغماد
لست ابن أم القاطنيـ ... ـن ولا ابن عم للبلاد
وبعض المتأخرين قال القول بأنه موضع باليمن لا يثبت؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يدعوهم إلى جهنم وخفي عليه أن ذلك بطريق المبالغة، فلا يراد به الحقيقة على أنه لا يتنافي بين القولين، فيحمل قوله جهنم على مجاز المجاورة بناء على القول أن برهوت مأوى أرواح الكفار، وهم أهل النار، انتهى ملخصا.
وقد دلت رواية ابن عائذ في قصة سعد بن معاذ، بلظ: لو سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمد ذي يمن على أنها من جهة اليمن، وذكر السهيلي أنه رأى في بعض كتب السهيلي أنه رأى في بعض كتب التفسير أنه "يعني مدينة الحبشة" قال الحافظ: وكأنه أخذه من قصة الصديق مع ابن الدغنة، فإن فيها: أنه لقيه ذاهبا إلى الحبشة ببرك الغماد، كما مر ويجمع بأنها من جهة اليمن مقابل الحبشة وبينهما عرض البحر، انتهى. ونقل عياض عن إبراهيم الحربي: برك الغماد وشعفات هجر، يقال فيما تباعد، ولذا قال شيخنا: الأولى تفسيره هنا بأقصى معمور الأرض، كما هو أحد معانيه في القاموس؛ لأنه أتم في امتثال أمره واتباعه. "لجالدنا" أي: لضاربنا "معك من دونه" أي: برك الغماد، يعني: لو طلبتنا له وعارضك قبله أحد جالدناه ومنعناه، "حتى تبلغه، فقال له صلى الله عليه وسلم "خيرا"، ودعا "له بخير" هذا لفظ رواية ابن إسحق.
وروى البخاري عن ابن مسعود: شهدت من المقداد مشهد لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، الحديث، وفي آخره: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره، يعني قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>