للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإسماعيلي: كان عند عائشة رضي الله عنها من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه، لكن لا سبيل إلى رد رواية الثقة إلا بنص مثله، يدل على نسخه أو تخصيصه أو استحالته، فكيف والجمع بين الذي أنكرته وأثبته غيرها ممكن؛ لأن قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: "إنهم الآن يسمعون"؛ لأن الإسماع هو إبلاغ الصوت من المسمع في أذن السامع، فالله تعالى هو الذي أسمعهم بأن أبلغهم صوت النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وأما جوابها بأنه إنما قال: "إنهم ليعلمون"، فإن كانت سمعت ذلك فلا ينافي رواية "يسمعون" بل يؤيدها.


المصطفى إنما قال: "إنهم الآن ليعلمون" أما على ما قدمه المصنف أنها تأولت إنما أراد لنبي إلخ، فلا يتأتى هذا فإن نفي الإرادة لا ينافي أنه قاله بل التأويل فرع الثبوت، اللهم إلا أن يكون المراد أنها رجعت عن إنكارها بقاء اللفظ على ظاهره، وأن تأويله واجب وأبقته على ظاهره والمحوج لهذا التعسف عدول المصنف عن رواية الصحيح عنها إلى عبارة اليعمري كما مر، ثم أفتى بكلام الحافظ في شرح الصحيح.
"وقال الإسماعيلي: كان عند عائشة رضي الله عنها من الفهم والذكاء" سرعة الفطنة، كما في القاموس "وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه" أتى بذلك تأدبا وتمهيدا للاستدراك لئلا يتوهم غبي منه أنه لم يعرف مقامها، "لكن لا سبيل" طريق "إلى رد رواية الثقة إلا بنص مثله" في كونه رواية عن الثقة أيضا "يدل على نسخه أو تخصيصه" ويصار لهما بالواية "أو استحالته" عطف على بنص أو على نسخه والأول أقرب وتدرك بالعقل والثلاثة منتفي هنا، "فكيف" يصار إلى إنكارها مع انتفاء الثلاثة، "والجمع بين الذي أنكرته وأثبته غيرها ممكن" وذلك "لأن قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: "إنهم الآن يسمعون" لأن الإسماع هو إبلاغ الصوت من المسمع في أذن السامع، فالله تعالى هو الذي أسمعهم بأن أبلغهم صوت النبي صلى الله عليه وسلم بذلك" ولم يسمعهم المصطفى فحصل التوفيق بين الآية والحديث.
"وأما جوابها بأنه إنما قال: "إنهم ليعلمون"، فإن كانت" بنته على فهمها الآية فقد علمت أن لا تنافي، وإن كانت "سمعت ذلك" من النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أو غيره لأنا لم تشهد القصة، "فلا تنافي رواية: "يسمعون" إذ العلم لا يمنع السماع "بل تؤيدها" لأن علم المخاطب في العادة إنما يكون بما يسمعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>