للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السهيلي ما محصله: إن في نفس الخبر ما يدل على خرق العادة بذلك لنبيه صلى الله عليه وسلم لقول الصحابة له: أتخاطب أقواما قد جيفوا؟! فأجابهم بما أجابهم. قال: وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحالة عالمين جاز أن يكونوا سامعين، وذلك إما بآذان رءوسهم إذا قلنا إن الروح تعاد إلى الجسد، أو إلى بعضه عند المسألة، وهو قول أكثر أهل السنة، وإما بآذان القلب أو الروح على مذهب من يقول بتوجه السؤال على الروح من غير رجوع إلى الجسد أو بعضه.


"وقال السهيلي ما محصله: أن في نفس الخبر ما يدل على خرق العادة بذلك" من الله "لنبيه صلى الله عليه وسلم لقول الصحابة له" كما رواه مسلم في حديث أنس عن عمر: "أتخاطب أقواما قد جيفوا" بفتح الجيم وشد الياء، أي صاروا جيفا منتنين كما تفيده النهاية وغيرها وضبطه شيخنا في النسخ الصحيحة خلاف ما في بعضها من ضبطه بالبناء للمجهول، فإنه أمر بالضرب عليه وأثبت فتح الجيم كما قلنا "فأجابهم بما أجابهم" أجمله ليأتي على كل الروايات فيما أجابهم به، وإلى هنا ما تصرف فيه على السهيلي، ولذا احتاج أن يقول ما محصله: ولفظه في الروض: عائشة لم تحضر وغيرها ممن أحضر أحفظ للفظة صلى الله عليه وسلم، وقد قالوا له: يا رسول الله! أتخاطب أقواما قد جيفوا؟ فقال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"، "وقال" السهيلي تلو هذا ما لفظه: "وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحالة عالمين" كما أثبتته عائشة "جاز أن يكونوا سامعين" كما أثبته عمر وابنه وأبو طلحة وغيرهم إذ لا فرق وأيضا فالعلم لا يمنع السماع كما قال البيهقي، "وذلك إما بآذان رءوسهم" على قول الأكثر، وأما بآذان قلوبهم هذا ما نقله الحافظ عن محصل كلام السهيلي وتبعه المصنف في الشر والشامي ولم ينقلوا ما زاده هنا عنه بقوله: "إذا قلنا إن الروح تعاد إلى الجسد" كله "أو إلى بعضه عند المسألة وهو قول أكثر أهل السنة. وأما بآذان القلب أو الروح على مذهب من يقول بتوجه السؤال على الروح من غير رجوع إلى الجسد أو بعضه" ولعلهم حذفوه من كلامه لإشكاله لأنه إذا قيل: لا تعاد الروح لشيء من الجسد لزم أن لا يكون السماع بإذن القلب، فالمناسب أن يقول: أما بآذان رءوسهم أو قلوبهم إذا قلنا ... إلخ، اللهم إلا أن يكون لم يرد بالقلوب الشكل الصنوبري بل الأحوال القائمة به فيحصل بها الإدراك كما قال غير واحد في معنى القلب.
وفي الفتح قال السهيلي: وقد تمسك بهذا الحديث من قال السؤال يتوجه على الروح والبدن ورده من قال: إنما يتوجه على الروح فقط بأن الأسماع لأذن الرأس لا لأذن القلب، فلم يبق فيه حجة. قلت: إذا كان الذي وقع حينئذ من خوارق العادة للنبي صلى الله عليه وسلم لم يحسن التمسك به في مسألة السؤال أصلا، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>