للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها احتجت بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٢] وهذه الآية كقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْي} [الزخرف: ٤٠] أي إن الله هو الذي يهدي ويوفق ويوصل الموعظة إلى آذان القلوب لا أنت. وجعل الكفار أمواتا وصما على جهة التشبيه بالأموات وهم أحياء وبالصم، فالله هو الذي يسمعهم على الحقيقة إذا شاء، لا نبيه ولا أحد، فإذًا لا تعلق بالآية من وجهين:

أحدهما: أنها إنما نزلت في دعاء الكفار إلى الإيمان.

والثاني: أنه إنما نفى عن نبيه أن يكون هو المسمع لهم، وصدق الله فإنه لا يسمعهم إذا شاء إلا هو، يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير.........................


"قال" السهيلي: "وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها احتجت بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} وفي الصحيح أنها احتجت أيضا بقوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ، "و" لا حجة فيه؛ لأن "هذه الآية كقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْي} ، أي أن الله هو الذي يهدي ويوفق ويوصل الموعظة إلى آذان القلوب لا أنت" وإن أوصلتها إلى آذان الرءوس، "وجعل الكفار أمواتا" في {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} صريحا، و {أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور} استلزاما "وصما" في {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ} ، "على جهة التشبيه بالأموات وهم أحياء، وبالضم فالله هو الذي يسمعهم على الحقيقة إذا شاء لا نبيه ولا أحد، فإذًا لا تعلق بالآية من وجهين، أحدهما: أنها إنما نزلت" أي: وردت "في دعاء الكفار إلى الإيمان" فهو مجاز "والثاني" لو حملت على الحقيقة لم يكن فيها معارضة وذلك "أنه إنما نفى عن نبيه أن يكون هو المسمع لهم وصدق الله فإنه لا يسمعهم إذا شاء إلا هو يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير" إلى هنا انتهى كلام السهيلي، كما يعلم من رؤية روضه لا كما زعمه من قال الفصل بأي في قوله: أي إن الله..إلخ، مشعر بأنه ليس من كلامه بل هو كله كلامه، وأتى بأي ليفسر المراد بالآية، وهذا ظاهر جدا، يعني: فحمل الحديث على أنه أسمعهم كلام نبيه صلى الله عليه وسلم لا ينافي الآية.
وفي فتح الباري اختلف أهل التأويل في المراد بالموتى وبمن في القبور، فحملته عائشة على الحقيقة وجعلته أصلا احتاجت معه إلى تأويل الحديث، وهذا قول الأكثر. وقيل: هو مجاز والمراد بالموتى وبمن في القبور: الكفار شبهوا بالموتى وهم أحياء، والمعنى: من هم في حال

<<  <  ج: ص:  >  >>