للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أحسن العلامة ابن جابر حيث قال:

بدا يوم بدر وهو كالبدر حوله ... كواكب في أفق الكواكب تنجلي

وجبريل في جند الملائك دونه ... فلم تغن أعداد العدو المخذل

رمى بالحصى في أوجه القوم رمية ... فشردهم مثل النعام بمجهل


الموتى أو في حال من سكنوا القبور، وعلى هذا لا يبقى في الآية دليل على ما نفته عائشة، والله أعلم.
"ولقد أحسن العلامة" أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي، "بن جابر" فنسهب لجد أبيه لاشتهاره به الأندلسي الأعمى صاحب شرح الألفية الشهير بالأعمى والبصير، "حيث قال: بدا" ظهر صلى الله عيه وسلم "يوم بدر، وهو كالبدر" الواو للحال "حوله، كواكب" رجال كالكواكب في الظهور والإشراق تشبيه بليغ بحذف الأداة أو استعارة "في أفق" بسكون الفاء على إحدى اللغتين للوزن، أي: في ناحية "الكواكب" أو فيما يظهر من نوحي الفلك التي هي مطلع الكواكب ومظهرها، أو في مهب الرياح. ففي القاموس: الأفق بضمة وبضمتين الناحية جمعه آفاق أو ما ظهر من نواحي الفلك، أو هي مهب الجنوب والشمال والدبور والصبا، انتهى.
وفي نسخ المواكب بميم، وكذا أنشده الشامي، وقال: جمع موكب، أي: بكسر الكاف وهو جماعة ركاب يسيرون برفق وهم أيضا القوم الركاب للزينة والتنزه، "تنجلي" تظهر وتتميز ع غيرها "وجبريل في جند" أعوان وأنصار "الملائك" من إضافة الأعم إلى الأخص: أي: جندهم الملائك جمع ملك ويجمع أيضا على ملائكة، "دونه" أي: أمامه صلى الله عليه وسلم، وفرع على ما أثبته له ولصحبه من كثرة الملائك المناصرين له قوله: "فلم تغن" بالفوقية "أعداد" بفتح الهمزة جمع عدد، أي: كثرة "العدو" أي: الأعداء.
ففي القاموس: العدو ضد الصديق للواحد والجمع، ويحتمل قراءة يغن بتحتية وكسر همزة إعداد مصدر أعد الشيء هيأه، أي: لم تعن تهيئة العدو والسلاح وغيره شيئا "المخذل" اسم مفعول من خذله تخذيلا إذا حمله على الفشل وترك القتال، كما في المصباح، يعني: إن شدة المسلمين وقوتهم في أعينهم حملتهم على ذلك حتى انهزموا وتمكن المسلمون من قتلهم وأسرهم، "رمى بالحصى في أوجه القوم رمية، فشردهم" طردهم وبدد جمعهم، وفي حديث عمر عند الطبراني: لما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف، يقول {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر} [البقرة: ٤٥] الآية، ورماهم فوسعتهم الرمية وملأت أعينهم حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذى عينيه وفاه "مثل النعام" حال كونه "بمجهل" بفتح الميم والهاء بينهما جيم ساكنة، قال القاموس: أرض مجهل كمقعد لا يهتدى فيها ولا يثنى

<<  <  ج: ص:  >  >>