للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم.

وفي حديث أنس عند الإمام أحمد: استشار عليه الصلاة والسلام الناس في الأسرى يوم بدر فقال: "إن الله قد أمكنكم منهم"، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم،...........................................................


المصطفى، والمذكور في الفتح عقب رواية ابن عائذ لفظه، فكان الأنصار لما فهموا رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفك وثاقه سألوه، "أن يترك له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم" كما أخرج البخاري من حديث ابن شهاب: حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه، قال: "والله لا تذرون منه درهما"، قال الحافظ: وأم العباس ليست من الأنصار بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية فسموها أختا لكونها منهم، وعلى العباس ابنها لأنها جدته وهي سلمى بنت عمر والخزرجية، قال: وإنما لم يجبهم؛ لأنه خشي أن يكون فيه محاباة لكونه عمه لا لكونه قريبهم من النساء، وفيه أيضا إشارة إلى أن القريب لا ينبغي له أن يتظاهر بما يؤذي قريبه، وإن كان في الباطن يكره ما يؤذيه، ففي ترك قبول ما تبرع له الأنصار به من الفداء تأديب لمن يقع منه مثل ذلك، انتهى. أو للتسوية بينهم حتى لا يبقى في نفوس أصحابه الذين لهم أقارب أسرى شيء بسبب مسامحته وأخذ الفداء منهم.
"وفي حديث أنس عند الإمام أحد استشار عليه الصلاة والسلام الناس في الأسرى يوم بدر" أي: زمنه "فقال: "إن الله قد أمكنكم" وفي نسخة: "مكنكم" وهما بمعنى "منهم" أسقط من رواية أحمد عن أنس: "وإنما هم إخوانكم بالأمس" "فقام عمر" ظاهره أنه تكلم قبل أبي بكر، وفي حديث عمر عند مسلم إن أبا بكر تكلم قبل عمر، ولفظه: استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعلي، فقال أبو بكر: يا نبي الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدا، فقال: "ما ترى يا عمر"؟ قال: والله ما أرى ما رأى أبو بكر.... الحديث مطولا.
وأخرجه بنحوه أحمد والترمذي وغيرهما، عن ابن مسعود وابن مردويه عن ابن عباس ويمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وسلم استشار الناس عموما وخصوصا. فلما خص تكلم أبو بكر قبل عمر، ولما عم، بادر عمر في الجواب على عادته في الشدة في دين الله تعالى، "فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم" أمر أو مضارع ويؤيد الأول رواية مسلم والجماعة بلفظ: ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريب لعمر فاضرب عنه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا مودة للمشركين،

<<  <  ج: ص:  >  >>