للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما قدم أبو سفيان بن الحارث، سأله أبو لهب عن خبر قريش. فقال: والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وايم الله -مع ذلك- ما لمت الناس. لقينا رجال بيض على خيل بلق بين السماء والأرض، والله لا يقوم لها شيء.

قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم


من حديث عكرمة عن أبي رافع، قال: "لما قدم أبو سفيان بن الحارث" بن عبد المطلب أخو المصطفى من رضاع حليمة، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو سائر إلى غزوة الفتح بالأبواء أو غيرها، فأسلم وشهدها معه وحنينا، وثبت يوم حنين اسمه وكنيته وذكر إبراهيم بن المنذر والزبير بن بكار وجماعة أن اسمه المغيرة، لكن جزم ابن قتيبة وابن عبد البر والسهيلي بأن المغيرة أخوه مات سنة عشرين.
"سأله أبو لهب" عبد العزى "عن خبر قريش" فقال: هلم إلي فعندك الخبر، "قال: والله ما هو" شيء فهو مبتدأ وشيء خبره وما بعد إلا بدل منه، لكن لما حذف الخبر أعطى ما بعد إلا حكمه فصار هو الخبر لفظا، وإن كان بدلا في الأصل، وكذا كل ما حذف فيه المستثنى منه وسبق ما يخرجه عن الإيجاب من نفي نحو: وما محمد إلا رسول، أو نهي نحو: لا تقولوا على الله إلا الحق، أو استفهام إنكاري نحو: فهل يهلك إلا القوم الفاسقون، ولا فرق بين الجملة الاسمية كهذه الأمثلة والفعلية، نحو: ما قام إلا زيد أصله ما قام أحد، حذف الفاعل وأعرب ما بعد إلا بأعرابه.
"إلا أن لقينا" بإسكان الياء "القوم" نصب مفعول ويجوز فتح الياء ورفع القوم، قال البرهان: الأول أحسن، لقوله: فمنحناهم أكتافنا" لينتسق الكلام، يقتلوننا كيف شاءوا ويأسروننا" بكسر السين "كيف شاءوا، وايم الله" بهمزة وصل أو قطع، أي: قسمي "مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجال بيض" هكذا رواية ابن إسحاق كما في العيون، وأوردها الشامي: رجالا بيضا، "على خيل بلق بين السماء والأرض، والله لا يقوم لها شيء" والمصنف تصرف في الرواية وحذف منها كثيرا؛ لأنه لم يتقيد بها ولفظها هنا: والله لا تليق شيئا ولا يقوم لها شيء، بضم الفوقية وكسر اللام وسكون التحتية وقاف، أي: ما تبقي، كما قال أبو ذر في الإملاء. "قال أبو رافع:" أسلم أو إبراهيم، أو صالح، أو هرمز، أو ثابت، أو سنان، أو يسار، أو عبد الرحمن، أو قزمان، أو يزيد، فتلك عشرة كاملة أشهرها الأول، كما قال أبو عمر "مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أسلم قبل بدر وشهد أحدًا وما بعدها، وفتح مصر وزوجه المصطفى مولاته سلمى فولدت له، ومات بالمدينة في أول خلافة علي، كما قال ابن حبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>