للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد المنذر.

فحاصرهم أشد الحصار، خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة، وكان اللواء بيد حمزة بن عبد المطلب، وكان أبيض، فقذف الله في قلوبهم الرعب، فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن له أموالهم، وأن لهم النساء والذرية.

فأمر عليه الصلاة والسلام المنذر بن قدامة بتكتيفهم.

وكلم عبد الله بن أبي سلول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وألح عليه من أجلهم.


بشير بفتح الموحدة وكسر المعجمة، أو رفاعة، ووهم من سماه مروان "ابن عبد المنذر" الأنصاري الأوسي المدني أحد النقباء عاش إلى خلافة علي، فحاربوا وتحصنوا في حصنهم "فحاصرهم أشد الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة،" بفتح القاف وكسرها "وكان اللواء بيد حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض،" قال ابن سعد: ولم تكن الرايات يومئذ، "فقذف الله في قلوبهم الرعب" الخوف "فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن له أموالهم وأن لهم النساء والذرية، فأمر عليه الصلاة والسلام المنذر بن قدامة" السلمي الأوسي البدري "بتكتيفهم" مصدر كتفه بالتشديد للمبالغة، والأصل التخفيف، أي: بشد أيديهم خلف أكتافهم موثقا بحبل ونحوه، قال ابن هشام: فكتفوا وهو يريد قتلهم فمر بهم ابن أُبي فأراد أن يطلقهم، فقال له المنذر: أتطلق أقواما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بربطهم، والله لا يفعله أحد إلا ضربت عنقه.
"وكلم عبد الله بن أبي بن سلول" رأس المنافقين "رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم" لما أراد قتلهم وهذا مشكل؛ إذ مقتضى نزولهم على أن لهم النساء والذرية أنهم نزلوا بأمان، ولا يتصور من المصطفى غدر إلا أن يقال نزولهم على حكمه لا يقتضي موافقته لهم، كما نزل بنو قريظة على حكم سعد، فحكم فيهم بحكم الله. "وألح عليه من أجلهم" فقال، كما ذكر ان هشام وابن سعد وغيرهما: يا محمد! أحسن في موالي، وكانوا حلفاء الخزرج فأبطأ عليه صلى الله عليه وسلم،، فقال: يا محمد، أحسن في موالي، فأعرض عنه فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلفه وكان يقال لها ذات الفضول، فقال صلى الله عليه وسلم: "ويحك أرسلني" وغضب عليه السلام حتى رأوا وجهه ظلالا جمع ظلة وهي السحابة استعيرت لتغير وجهه الكريم لما اشتد غضبه، ويروى ظلالا جمع ظلة أيضا كبرمة وبرام ومهما بمعنى، كما في الروض، ثم قال: "ويحك أرسلني"، قال: والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي، أربعمائة حاسر بمهملتين، أي: لا درع معه وثلاثمائة دراع وقد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر،

<<  <  ج: ص:  >  >>