للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر عليه الصلاة والسلام أن يحلوا من المدينة، وتركهم من القتل، وأمر أن يجلوا من المدينة، فلحقوا بأذرعات. فما كان أقل بقاءهم فيها. وأخذ من حصنهم سلاحا وآلة كثيرة.

وكانت بنو قينقاع حلفاء لعبد الله بن أبي، وعبادة بن الصامت، فتبرأ عبادة من حلفهم، فقال: يا رسول الله، أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم. ففيه وفي عبد الله أنزل. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} إلى قوله: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الَْالِبُون} [المائدة: ٥٦] .


فقال صلى الله عليه وسلم: "وهم لك"، "فأمر عليه الصلاة والسلام أن يحلوا" من كتافهم، فقال: "حلوهم لعنهم الله ولعنه معهم"، "وتركهم من القتل، وأمر أن يجلوا" بالجيم مبني للمفعول، أي: يخرجوا "من المدينة" قال ابن سعد: وولى إخراجهم عبادة بن الصامت، وقيل: محمد بن مسلمة ولا مانع أنهما اشتركا في إخراجهم، "فلحقوا بأذرعات" بفتح الهمزة وسكون المعجمة وكسر الراء فمهملة وبالصرف: بلدة الشام "فما كان" زائدة "أقل بقاءهم فيها" قيل: لم يدر عليهم الحول "وأخذ من حصنهم سلاحا وآلة كثيرة" وكان الذي ولي قبض أموالهم محمد بن مسلمة، قاله ابن سعد، فأخذ صلى الله عليه وسلم خمسة وفض أربعة أخماسه على أصحابه، فكان أول ما خمس بعد بدر، ووقع عند ابن سعد: أخذ صفية الخمس، وتوقف فيه اليعمري بأن المعروف الصفي غير الخمس، فعند أبي داود عن الشعبي: كان له صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي قبل الخمس. وعن عائشة: كانت صفية من الصفي، قال: فلا أدري أسقطت الواو أو كان هذا قبل حكم الصفي، انتهى.
"و" أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم والبيهقي عن عبادة بن الصامت، قال: "كانت بنو قينقاع حلفاء لعبد الله بن أبي وعبادة بن الصامت فتبرأ عبادة رضي الله عنه من حلفهم" بكسر المهملة وإسكان اللام، حين قال صلى الله عليه وسلم لما رأى من فعلهم القبيح: "ما على هذا أقررناهم"، "فقال: يا رسول الله أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ من حلف" جميع "الكفار وولايتهم" أو هو تأكيد لما قبله من إقامة الظاهر مقام المضمر، وفائدته التشنيع عليهم بالكفر، "ففيه وفي عبد الله" بن أبي "أنزل" الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المائدة: ٥١] الآية، فلا تعتمدوا عليهم ولا تعاشروهم معاشرة الأحباب {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١] ، إيماء إلى علة النهي، أي: فإنهم متفقون على خلافكم يولي بعضهم بعض لاتحادهم في الدين واجتماعهم على مضادتكم من يتولهم منكم فإنه منهم، تشديد في وجوب مجانبتهم "إلى قوله: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُون} " [المائدة: ٥٦] الآية، أي: فإنهم هم الغالبون ولكن وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على البرهان عليه، وكأنه قيل: ومن يتول هؤلاء فهو حزب الله وحزب الله هم الغالبون وتنويها بذكرهم وتعظيما لشأنهم وتشريفا لهم بهذا الاسم، وتعريضا بمن يوالي غير هؤلاء بأنه حزب الشيطان، وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم، قاله البيضاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>