للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له عليه الصلاة والسلام: "قد أمرني ربي بذلك".

قال أنس: ثم دعاني عليه الصلاة والسلام بعد أيام فقال: "ادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن وعدة من الأنصار"، فلما اجتمعوا وأخذوا مجالسهم وكان علي غائبا فقال صلى الله عليه وسلم:

"الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم


لعلي كما في حديثه السابق فوقه، "فقال له عليه الصلاة والسلام: "قد أمرني ربي بذلك"، التزويج المفهوم من خطبها.
وقد روى الطبراني برجال ثقات مرفوعا، "أن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي"، ولا يقال لم أخره حتى سأله علي لجواز أن الأمر ورد بعد سؤال علي، أو قبله بأن يزوجه إذا سأله. "قال أنس: ثم دعاني عليه الصلاة والسلام بعد أيام، فقال: "ادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن" بن عوف رضي الله عنهم، "وعدة من الأنصار" جماعة بينهم له، لا أنه قال له: أدع عدة، ففي رواية ابن عساكر، عن أنس: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ غشيه الوحي، فلما سرى عنه قال: "إن ربي أمرني أن أزوج فاطمة من علي، فانطلق فادع لي أبا بكر وعمر"، وسمي جماعة من المهاجرين وبعددهم من الأنصار، "فلما اجتمعوا وأخذوا مجالسهم"، أي: قعد كل واحد في مجلسه اللائق به، "وكان علي غائب" عن هذا المجلس، وما رواه ابن عساكر أنه عليه السلام أمر عليا أن يخطب لنفسه، فخطب، وأوجب له صلى الله عليه وسلم في حضوره فقبل، واستشهد على الصحابة الحاضرين على ذلك، فقال ابن كثير: هذا خبر منكر، "فقال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله المحمود" من أسماء الله تعالى، كما صرح به هذا الخبر، وعده بعض العلماء في أسمائه، وفي شعر حسان: فذو العرش محمود؛ لأنه تعالى حمد نفسه وحمده عباده "بنعمته" التي لا تتناهى ولا يستطاع حصرها ولا تضاهي، "المعبود بقدرته" إذ لا قدرة على عبادته إلا بأقداره، "المطاع" المتبع الذي ينقاد له فيما أراده وفي التنزيل: {أَطِيعُوا اللَّه} [الأنفال: ٢٠] ، "المرهوب" الذي يخاف "من عذابه" وفي التنزيل: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُون} [البقرة: ٤٠] ، "وسطوته" قهره وإذلاله، "النافذ أمره في سمائه وأرضه" جنسهما، فالمراد جميع السموات والأرضين، "الذي خلق الخلق" قدرهم وأوجدهم "بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه وأكرمهم" كلهم مؤمنهم وكافرهم، إنسهم وجنهم وملكهم، "بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم". ودليل العموم قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] فإرساله إكرام لجميع الخلائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>