للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: ٥١، ٥٢] .

وفي الإكليل: "فقد آذانا بشعره، وقوى المشركين".


{وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} ، مانعا من عذابه، ذكر ابن عائذ في صدر هذه الرواية عن أبي الأسود، عن عروة قال: أنبعث عدو الله يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ويمتدح عدوهم، ويحرضهم عليهم، فلم يرض بذلك حتى ركب إلى قريش فاستقواهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو سفيان والمشركون: أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه، وأي ديننا أهدى في رأيك وأقرب إلى الحق؟، فقال: أنتم أهدى سبيلا وأفضل، إلى أن قال: فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَاب} [آل عمران: ٢٣] الآية، وخمس آيات فيه وفي قريش، فجزم عروة بأنها نزلت في كعب، ونحوه ما روى أحمد وغيره، عن ابن عباس قال: لما قدم كعب مكة قالت قريش: ألا ترى إلى هذا المنبصر المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج، وأهل السقاية، قال: أنتم خير، فنزل فيهم: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر} [الكوثر: ٣] ، ونزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} إلى {نصيرا} [آل عمران: ٢٣] .
وأخرج ابن إسحاق عن ابن عباس، كان الذين خربوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع، وعمارة، وهوذة، فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود، وأهل العلم بالكتب الأولى، فسلوهم أدينكم خير أم دين محمد؟ فسألوهم، فقالوا: دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه، فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [آل عمران: ٢٣] ، إلى قوله: {مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: ٥٤] ، ولذا قال الجلال والبيضاوي: أنها نزلت في كعب، وفي جمع من اليهود خرجوا إلى مكة وساقا نحو القصة، وزاد البيضاوي: إنهم سجدوا لآلهة الكفار، ليطمئنوا إليهم.
وقوله في صدر عبارته نزلت في يهود، قالوا: عبادة الأصنام أرضى عند الله مما يقول محمد، وقيل: في حيي وكعب في جمع من اليهود.. إلخ، ليس بخلاف محقق، لإمكان حمل الأول المبهم على الثاني المبين، خصوص من نزلت فيه كما هو الواقع.
"وفي الإكليل" لأبي عبد الله الحاكم من حديث جابر: "فقد آذانا بشعره وقوى المشركين" علينا، قال الحافظ: ووجدت لقتل كعب بن الشرف سببا آخر في فوائد عبد الله بن إسحاق الخراساني، بسند ضعيف من مرسل عكرمة، وهو أنه صنع طعاما وواطأ جماعة من اليهود، أنه يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوليمة، فإذا حضر فتكوا به، ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه، فأعلمه جبريل بما أضمروا بعد أن جالسه، فقام يستره جبريل بجناحه، فلما فقدوه تفرقوا، فقال حينئذ: "من ينتدب لقتل كعب؟ "، ويمكن الجمع بتعدد الأسباب، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>