للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية ابن إسحاق: فقال محمد بن مسلمة، أخو بني عبد الأشهل: أنا لك به يا رسول الله، أنا أقتله، قال: "فافعل إن قدرت على ذلك". قال: يا رسول الله إنه لابد لنا أن نقول، قال: "قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك".


"وفي رواية ابن إسحاق" عن شيخه عبد الله بن أبي المغيث بن أبي بردة، "فقال محمد بن مسلمة، أخو بني عبد الأشهل: أنا" أتكفل "لك به يا رسول الله، أنا أقتله، قال: "فافعل إن قدرت على ذلك"، قال: "وفي البخاري عن جابر، فقال: أي محمد: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: "نعم".
وعند الحاكم، عن جابر فقال صلى الله عليه وسلم: ""أنت له"، وفي رواية ابن عائذ، عن عروة، فسكت صلى الله عليه وسلم، فقال محمد بن مسلمة: أقر صامت ومثله في فوائد سمويه، قال الحافظ: فإن ثبت احتمل أنه سكت أولا، ثم أذن له، فإن في رواية عروة أيضا أنه قال له: "إن كنت فاعلا فلا تعجل حتى تشاور سعد بن معاذ"، قال: فشاروه، فقال له: توجه إليه، وأشك إليه الحاجة، وسله أن يسلفكم طعاما، انتهى.
وعند ابن إسحاق: فرجع محمد بن مسلمة ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما تعلق به نفسه، فذكر ذلك له صلى الله عليه وسلم، فدعاه فقال: "لم تركت الطعام والشراب"؟، قال: يا رسول الله قلت لك قولا لا أدري هل أفين لك به أم لا؟، قال: "إنما عليك الجهد".
وعند ابن عبد البر: فمكث أياما مشغول النفس بما وعده من قتل ابن الأشرف، فأتى أبا نائلة، وعباد بن بشر، والحارث بن أوس، وأبا عبس بن جبر فأخبرهم بما وعد به رسول الله صل الله عليه وسلم من قتله، فأجابوه وقالوا: كلنا نقتله، ثم أتوا رسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: "يا رسول الله، لا بد لنا أن نقول" قولا غير مطابق للواقع، يسر كعبا لنتوصل به إلى التمكن من قتله، وقال المبرد: حقه أن يقول نتقول، يريد نفتعل قولا نحتال به، "قال: "قولوا مابدا لكم فأنتم في حل من ذلك" فأباح لهم الكذب؛ لأنه من خدع الحرب.
وفي البخاري: قال محمد: فأذن لي أن أقول شيئا، قال: "قل"، فكأنه قال له ذلك، ثم قاله للجماعة. قال الحافظ: وظهر من سياق ابن سعد للقصة أنهم استأذنوه في أن يشكوا منه وأن يعيبوا دينه، انتهى.
قال ابن المنير: هنا لطيفة هي أن النيل من عرضه كفر، ولا يباح إلا بإكراه لمن قلبه مطمئن بالإيمان، وأين الإكراه هنا، وأجاب أن كعبا كان يحرض على قتل المسلمين، وكان في قتله خلاصهم، فكأنه أكره الناس على النطق بهذا الكلام، بتعريضه إياهم للقتل، فدفعوا عن أنفسهم بألسنتهم، مع أن قلوبهم مطمئنة، بالإيمان، انتهى. وهو حسن نفيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>