قال الحافظ: فعلى هذا كانوا خمسة، وكذا سماهم في رواية ابن سعد، ويؤيده قول عباد بن بشر، وكان الله سادسنا، وهو أولى مما وقع في رواية الحاكم وغيره، إنهم ثلاثة فقط، ويمكن الجمع بأنهم كانوا مرة ثلاثة، وفي الأخرى خمسة، انتهى. ووقع في الشامية عدهم ستة، فزاد الحارث بن عبس، وفيه نظر، فليس في الصحابة من سمي بذلك إلا الحارث بن عيسى، وقيل: ابن عبس، بالموحدة العبدي أحد وفد عبد القيس، كما في الإصابة وقدوم عبد القيس سنة تسع ولهم قدمة قبل ذلك سنة خمس وأياما كان، فهذه القصة سابقا على القدمتين؛ لأنها في الثالثة، وأيضا فليس أوسيا، والذاهبون لقتله أوسيون، باتفاق. وأخرج ابن إسحاق بإسناد حسن. عن ابن عباس قال: مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد، ثم وجههم وقال: "انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم" ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى بيته وهو في ليلة مقمرة، وأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه، وكان حديث عهد بعرس، فهتف به أبو نائلة، فوثب على ملحفته فأخذته امرأته بناحيتها وقالت: إنك امرؤ تحارب، وإن أصحاب الحروب لا ينزلون في مثل هذه الساعة، قال: إنه أبو نائلة لو وجدني نائما ما أيقظني، فقالت: والله إني لأعرف في صوته الشر، ولم تسم امراة كعب كما في مقدمة الفتح. وقوله في الفتح: تقدم أن اسمها عقيلة سهو، وإذ المتقدم أن عقيلة أمه، وفي البخاري قالت: أسمع صوته كأنه يقطر منه الدم، قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب، انتهى. فنزل فتحدث معهم ساعة، وتحدثوا معه وقالوا: هل لك يابن الأشرف أن تمشي إلى شعب العجوز، فنتحدث به بقية ليلتنا، فقال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون، فمشوا ساعة، ثم إن أبا نائلة شام يده، بمعجمة وميم مخففا، أدخلها في فود رأسه، ثم شد يده، فقال: ما رأيت كالليلة طيبا أعطر، ثم مشى ساعة، ثم عاد لمثلها حتى اطمأن، ثم مشى ساعة، ثم عاد لمثلها، فأخذ بقود رأسه وقال: اضربوا عدو الله. وفي البخاري: أن ابن مسلمة قال لأصحابه: إذا ما جاء كعب فإني قائل بشعره، أي: آخذ به من إطلاق القول على الفعل مجازا وأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت كاليوم ريحا، أي: أطيب، فقال: عندي أعطر نساء العرب، وأكمل العرب، فقال ابن مسلمة: أتأذن لي أن أشم