للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن الربيع، مرة بعد أخرى، فلم يجبه، حتى قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسلني إليك، فأجابه بصوت ضعيف، فوجده جريحًا في القتلى وبه رمق, فقال: أبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عني السلام، وقل له: يقول لك: جزاك الله عنَّا خير ما جزى به نبيًّا عن أمته، وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم: لا عُذر لكم عند الله أن يخلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف، ثم مات -رضي الله عنه.

وقتل أبو جابر,


بضم الدال وفتحها، "ابن" بالفتح "الربيع مرة بعد أخرى، فلم يجبه"؛ لكونه في غمرات الموت، واستمرّ لا يجيبه، "حتى قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسلني إليك", وعند ابن إسحاق: أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ "فأجابه بصوت ضعيف" قال: أنا في الأموات، "فوجده جريحًا في القتلى", وفي حديث زبد بن ثابت: وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم، "وبه رمق" بقية حياة، "فقال: أبلغ".
قال البرهان: بقطع الهمزة وكسر اللام رباعي، وهذا ظاهر جدًّا, "رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عني السلام, وقل له: يقول لك: جزاك الله عنَّا خير ما جزى نبيًّا عن أمته" وقل له: إني أجد ريح الجنة، "وأبلغ قومك عني السلام، وقل لهم: لا عذر لكم عند الله أن يخلص" -بضم أوله وفتح ثالثه- مبني للمفعول، كما في النور، والأصل: أن يخلص أحد "إلى نبيكم, وفيكم عين تطرف" بفتح أوله وكسر الراء، أي: تطبق أحد جفنيها على الآخر، والمراد كما قال البرهان وغيره: وفيكم حياة، "ثم مات -رضي الله عنه".
وعند ابن إسحاق: ثم لم أبرح حتى مات، فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته خبره.
قال ابن هشام: وحدثني أبو بكر الزبيري: أن رجلًا دخل على أبي بكر، وبنت سعد بن الربيع جارية صغيرة على صدره يرشفها ويقبلها، فقال له الرجل، من هذه؟ قال: بنت رجل خير مني، سعد بن الربيع، كان من النقاباء يوم العقبة وشهد بدرًا، واستُشهد يوم أُحد.
وروى الطبراني عن أم سعد بنت سعد بن الربيع: إنها دخلت على الصديق فألقى لها ثوبه، حتى جلست عليه، فدخل عمر فسأله فقال: هذه ابنة من هو خير مني ومنك، قال: ومن هو يا خليفة رسول الله؟ قال: رجل قبض على عهد رسول الله مقعده من الجنة وبقيت أنا وأنت.
"وقتل أبو جابر" عبد الله بن عمرو بن حرام -بمهملة وراء. قال المصنف: قتله أسامة أبو الأعور بن عبيد، أو سفيان بن عبد شمس، أبو أبي الأعور السلمي، وعن جابر: أنه أول قتيل من المسلمين، وأن أخته هندًا حملته هو وزوجها عمرو بن الجموح وابنها خلّاد على بعير، ورجعت بهم إلى المدينة, فلقيتها عائشة وقالت لها: من هؤلاء؟ قالت: أخي وابني خلّاد وزوجي، قالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>