قال السهيلي: وليس بمنكر عندي، "ويشهد له" أي: لقول مجاهد ويبيّن مراده "ما وقع في مسند ابن أبي شيبة وغيره"؛ كالإمام أحمد والطبراني والحاكم, كلهم عن ابن عباس, "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشهداء بنهر أو على نهر" شكَّ، "يقال له بارق" بالموحدة وبعد الألف راء مكسورة، ثم قاف في الحديث نهر، "عن باب الجنة, في قباب خضر, يأتيهم رزقهم منها بكرة وعشيًّا". ولفظ أحمد ومن ذكر بعده: "الشهداء على بارق بباب الجنة, في قبة خضراء, يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيًّا". قال البيضاوي: يعني تعرض أرزاقهم على أرواحهم, فيصل إليهم الروح والفرح، كما تعرض الناس على آل فرعون غدوًّا وعشيًّا فيصل إليهم الوجع، وفيه دلالة على أنَّ الأرواح جواهر قائمة بأنفسها, مغايرة لما يحس من البدن، باقية بعد الموت داركة، وعليه الجمهور, وبه نطقت الآية والسنن، فتخصيص الشهداء لاختصاصهم بالقرب من الربّ, ومزيد البهجة والكرامة. "قال الحافظ عماد الدين بن كثير" في الجمع بين مختلف الروايات، الدالّ بعضها على دخولهم الجنة، وبعضها على وقوفهم ببابها عند النهر، "كأنَّ الشهداء أقسام منهم من تسرح أرواحهم في الجنة" كما دلَّ عليه حديث ابن عباس الأول، "ومنهم من تكون على هذا النهر بباب الجنة" كما دل عليه حديثه الثاني، وعبَّر بكان؛ لأنه عل سبيل الاحتمال لا القطع؛ لأن حقيقة الحال غيب عنَّا، "وقد يحتمل أن يكون منتهى سيرهم إلى هذا النهر، فيجتمعون هناك ويغدى" بالبناء للمفعول وضمّنه معنى يمر, فعدَّاه بعلى في قوله: "عليهم برزقهم هناك ويراح"