وحكى البيضاوي قولًا: إنها نزلت في شهداء بدر، فإن صحَّ أمكن أنها مما تكرر نزوله، وعليه فكأنهم تمنَّوا علم إخوانهم بما حصل لهم، مع أنَّ الآيات عندهم متلوّة؛ لأنه عَبَّر فيها بالماضي, في قوله: قُتِلُوا، ثم لا يعارض هذا ما قبله من نزولها في شأن أبي جابر؛ لأن كلامه تعالى له لا يمنع قول قية الشهداء ما ذكر, فنزلت إبلاغًا عن الجميع على مفاد الخبرين، ولا مانع من تعدد سبب النزول وهو أولى من تجويز أنها مم تعدَّد نزوله؛ لأن الأصل عدمه، "روه أحمد", أخرجه مسلم عن مسروق، قال: سألنا عبد الله بن مسعود عن هؤلاء الآيات، قال: أمَّا إنا قد سألنا عنها فقيل لنا: "لما أصيب إخوانكم" الحديث. ولم يعزه له المصنف لعدم صراحته برفع الحديث، فلذا عدل لحديث ابن عباس عند أحمد لكونه صريحًا في الرفع. "قال بعض من تكلَّم على هذا الحديث" هو الإمام السهيلي في الروض، "قوله: "ثم تأوي إلى قناديل" يصدقه قوله على أحد الأقوال: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} مبتدأ وخبر، أي: الذين استشهدوا {لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} وقيل: المراد الأنبياء من قوله: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وقيل: هو عطف على الخبر وهو الصديقون: أي: أولئك بمنزلة الصديقين والشهداء، أو المبالغون في الصدق لتصديقهم جميع أخبار الله ورسله، وقائمون بالشهادة لله ولهم، أو على الأمم يوم القيامة، حكاها كلها البيضاوي وغيره. "وإنما تأوي إلى تلك القناديل ليلًا، وتسرح نهارًا قبل دخول الجنة", فتعلم بذلك الليل من النهار، "وبعد دخول الجنة في الآخرة لا تأوي إلى تلك القناديل، وإنما ذلك في" مدة "البرزخ" هذا ما يدل عليه ظاهر الحديث.