"وعن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب" بحسب الظاهر بالقتل، "إخوانكم بأُحد جعل الله أرواحهم" مع اتصالها بأجسادهم، "في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها" كما قال: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون} [آل عمران: ١٦٩] الآية، "وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش"، أنكر هذا قوم، وقالوا: لا يكون روحان في جسد. قال القاضي عياض: وليس للأقيسة والعقول في هذا حكم، فإذا أراد الله جعلها في قناديل أو أجواف طير وقع ذلك ولا إشكال، فإن الروح وإن وجدت في جوف الطير فليس فيه قيام روحين بجسد واحد، بل قيام الروح بجوف الطير، كقيام الجنين في بطن أمه، وروحه غير روحها. وقال السهيلي والبيضاوي: خلق الله لأرواحهم بعد مفارقة أجسامهم صورة طيور تجعل فيها الأرواح خلفًا عن الأبدان، توسلًا لنيل اللذات الحسية إلى أن يعيده الله يوم القيامة. وقال بعضهم: في بمعنى على، أي: أرواحهم على أجواف هي طيور، وسمي الطير جوفًا لإحطاته واشتماله عليه, فهو من تسمية الكل باسم المجزء, وفيه تعسّف. وقال السهيلي: أي في صورة طير خضر، كما تقول: رأيت ملكًا في صورة إنسان، "فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم" من الأنهار, "وحسن مقيلهم" مكانهم الذي يأوون إليه للاسترواح والتمتع تجوّز به عن مكان القيلولة على التشبيه، أو لأنه لا يخلو من ذلك غالبًا؛ إذ لا نوم في الجنة، كما قاله البيضاوي في قوله: {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} . "قالوا: يا" للتنبيه أو النداء المحذوف، أي: يا هؤلاء "ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلّا يزهدوا في الجهاد" , أي: يتركوه ويعرضوا عنه، "ولاينكلوا" بضم الكاف وتفتح في لغة،