وفي رواية الترمذي وابن ماجه: "ألا أبشرك بما لقي الله به أباك"، وللترمذي أيضًا: لقيني النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما لي أراك منكسرًا"، قلت: يا رسول الله! استشهد أبي يوم أُحد وترك دينًا وعيالًا، قال: "أفلا أبشرك"، وفي رواية: قلت: بلى، قال: "ماكلم الله أحدًا قط" غير من قام الدليل على تكليمهم بلا واسطة كالمصطفى ليلة الإسراء وموسى, قال: "إلّا من وراء حجاب" , أو المراد من هؤلاء الشهداء، كما يرشد إليه السياق فلا يردّان؛ لأنه كلمهما في حياتهما، "وإنه كلم أباك" عبد الله بن عمر، المدفون هو وعمرو بن الجموح في قبر واحد بأمره -صلى الله عليه وسلم, قال: لماكان بينهما من الصفاء, فحفر لهما وعليهما نمرتان، وعبد الله قد أصابه جرح في وجهه ويده عليه، فأميطت يده عن وجهه، فانبعث الدم فردت إلى مكانها، فسكن، ذكره ابن سعد. "كفاحًا" بكسر الكاف، مصدر كافح الشيء إذا باشره بنفسه، أي: بلا واسطة، "فقال: سلني أعطك" عطف مفصل على مجمل. وفي رواية الترمذي وابن ماجه: "فقال: يا عبدي تمنَّ علي أعطك" , "قال: أسألك أن أردَّ إلى الدنيا". وفي رواية الترمذي وابن ماجه قال: "يا رب تحييني فأقتل فيك" قتلة "ثانية, "فقال الرب -عز وجل: إنه سبق مني" الوعد. وفي رواية: "قد قضيت"، "أنهم" بفتح الهمزة "لا يرجعون" أي: يعدم رجوعهم " إلى الدنيا، قال: يارب فأبلغ من ورائي" ما صنعت بي لئلَّا يزهدوا في الجهاد، "فأنزل الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} - بالتخفيف والتشديد- {فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآية". وناهيك بها شرفًا حيث وصفهم بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهي عندية تخصيص وتشريف، والمراد حياة الأرواح في النعيم الأبدي لا حقيقة الدنيوية، بدليل أن الشهيد يورث وتتزوج زوجته. قال بعضهم: ولا يلزم من كونها حياة حقيقية أن تكون الأبدان معها، كما كانت في الدنيا من الاحتياج إلى الطعام والشراب وغير ذلك من صفات الأجسام المشاهدة، بل يكون لها