قال الحافظ ابن حجر: وعرف بهذه الزيادة أنَّ الصفة المذكورة لا تختص بالشهيد, كذا قال فليتأمل. وقال النووي: قالوا: وهذا الفضل، وإن كان ظاهره أنه في قتال الكفّار، فيدخل فيه من جرح في سبيل الله في قتال البغاة وقطّاع الطريق، وفي إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ونحو ذلك، وكذا قال ابن عبد البر، واستشهد على ذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام: "من قتل دون ماله فهو شهيد". لكن قال الولي بن العراقي: قد يتوقف في دخول المقاتل دون ماله في هذا الفضل؛ لإشاراته -صلى الله عليه وسلم- إلى اعتبار الإخلاص في ذلك في قوله: "والله أعلم بمن يكلم في سبيله"، والمقاتل دون ماله لا يقصد بذلك وجه الله, وإنما يقصد صون ماله وحفظه، فهو يفعل ذلك بداعية الطبع لا بداعية الشرع، ولا يلزم من كونه شهيدًا أن يكون دمه يوم القيامة كريح المسك، وأي بذلٍ بذَلَ نفسه فيه لله حتى يستحق هذا الفضل، انتهى. "وفي رواية" النسائي من طريق الزهري، عن "عبد الله بن ثعلبة" بن صعير بصادٍ وعين مهملتين مصغرًا، العذري، حليف بني زهرة، له رؤية ولم يثبت له سماع. مات سنة سبع أو تسع وثمانين، وقد قارب التسعين. "قال -عليه الصلاة والسلام- لقتلى أحد" اللام للتعليل، أي: لأجلهم بيانًا لما يفعل في تكفينهم: "زمّلوهم بجراحهم" , أي: معها باقية على ما هي عليه, فلا تزيلوا ما عليها من الدم بغسل ولا غيره. قال أبو عمر: اختُلِف في صلاته -صلى الله عليه وسلم- على شهداء أحد، ولم يختلف في أنه أمر بدفنهم بثيابهم ودمائهم ولم يغسّلوا. وقد ثبت في الصحيح عن جابر، أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة"، وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصلّ عليهم، ولم يغسَّلوا. قال العلماء: وأما حديث صلاته عليهم صلاته على الميت، فالمراد دعاؤه لهم كدعائه للميت جمعًا بين الأدلة.