قال السهيلي: شهيد من الشهادة, وهي ولاية وقيادة، فوصلت بحرف على؛ لأنه مشهود له وعليه. وقال البيضاوي في قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] ، وهذه الشهادة وإن كانت لهم، لكن لما كان -صلى الله عليه وسلم- كالرقيب المؤتمن على أمته عدّي بعلى، وظاهره أن مجرَّد كون اللفظ بمعنى لفظ آخر يعدَّى بما يعدَّى به ما هو بمعناه، وليس من التضمين. قال شيخنا: والمراد لما اطَّلع عليهم بعد البحث عن حمزة وغيره، وعرف جملة من قتل قال ذلك, فلا يرد أنه يقتضي قوله بمجرد رؤيتهم، والسياق يدل على خلافه، وأنه إنما قال ذلك بعد الإحاطة بهم. "وما من جريح يجرح في" القتال لمحبة, "الله" وإخلاصه في إعزاز دينه، ففيه حذف شيئين، أو هو استعارة تبعية, شبه تمّن المجروح في المحبَّة بتمكّن المظروف في الظرف، فاستعار له لفظ في بدل اللام كما في قوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل} [طه: ٧١] ، "إلّا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه" بفتح الياء والميم، أي: يخرج منه الدم, "اللون" أي: لوم ما يخرج من جرحه، "لوم الدم" , والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، كأنه قيل ما صفة دمائهم؟ هل هي على صفة دماء الدنيا أم لا؟ "والريح ريح المسك". قال المصنف: أي كريحه, أي: ليس هو مسكًا حقيقة, بخلاف اللون لون الدم، فلا يقدر فيه ذلك؛ لأنه دم حقيقة، فليس له من أحكام الدنيا وصفاتها إلا اللون فقط. قال: وظاهر قوله في رواية مسلم: كل كلم يكلمه المسلم إنه لا فرق في ذلك بين أن يموت، أو تبرأ جراحه، لكن الظاهر أن الذي يجيء يوم القيامة، وجرحه يجري دمًا من فارق الدنيا وجرحه كذلك، ويؤيده ما رواه ابن حبان في حديث معاذ: عليه طابع الشهداء, والحكمة في بعثته كذلك أن يكون معه