للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه".

وقوله: يعلق، أي: يأكل، وفي هذا الحديث أنَّ روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة، وأمَّا أرواح الشهداء ففي حواصل طير خضر، فهي كالراكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها. فنسأل الله تعالى الكريم المنَّان أن يميتنا على الإسلام.

وقد استشهد من المسلمين يوم أحد سبعون -فيما ذكره مغلطاي وغيره, وقيل: خمسة وستون, أربعة من المهاجرين.

وروى ابن منده من حديث أُبَيّ بن كعب قال:


ووقع في بعض نسخ الشافية تصحيف، فقال: يعلق -بضم اللام: يتشبث، وبفتحها: يصيب منها العلقة، والصواب ما في الروض وهو المناسب لقوله العلقة؛ إذ هي بالضم, كلَّ ما يتبلّغ به من العيش كما في القاموس، "حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه" يوم القيامة، "وقوله: يعلق" بالتحتية، صفة لطائر كتذكير الضمير في يرجعه، "أي: يأكل، وفي هذا الحديث: "إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة" , لا أن روحه جعل في جوف طائر ليأكل ويشرب كالشهيد.
"وأمَّا أرواح الشهداء ففي حواصل طير خضر، فهي كالراكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها" على ما دلَّ عليه الحديثان، وقد تأوَّل بعضهم كما في الروض حديث "نسمة المؤمن" مخصوصًا بالشهيد، انتهى. ولكن المتبادر خلافه، ولذا جزم ابن كثير بالعموم, "فنسأل الله تعالى الكريم المنَّان أن يميتنا على الإسلام" بمنِّه وكرمه, "وقد استشهد من المسلمين يوم أحد سبعون فيما ذكره مغلطاي وغيره" اعتمادًا على ما صرَّح به حديث البراء وأنس في الصحيح، وأُبَيّ بن كعب، وقد صحَّحه ابن حِبَّان وهو المؤيَّد بقوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥] .
اتفق علماء التفسير على أن المخاطب بذلك أهل أُحد، وأنَّ المراد بإصابتهم مثليها يوم بدر بقتل سبعين، وأسر سبعين، وبه جزم ابن إسحاق, وقد مَرَّ له مزيد، وأنَّ الزيادة إن ثبتت إنما نشأت عن الخلاف في التفصيل, وليست زيادة في الجملة، قاله اليعمري والعسقلاني: "وقيل: خمسة وستون, أربعة من المهاجرين" حمزة، وعبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان، ومصعب بن عمير كما عند ابن إسحاق.
"وروى ابن منده" والحاكم في الإكليل والمستدرك "من حديث أُبَيّ بن كعب، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>