"وأمَّا أرواح الشهداء ففي حواصل طير خضر، فهي كالراكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين، فإنها تطير بأنفسها" على ما دلَّ عليه الحديثان، وقد تأوَّل بعضهم كما في الروض حديث "نسمة المؤمن" مخصوصًا بالشهيد، انتهى. ولكن المتبادر خلافه، ولذا جزم ابن كثير بالعموم, "فنسأل الله تعالى الكريم المنَّان أن يميتنا على الإسلام" بمنِّه وكرمه, "وقد استشهد من المسلمين يوم أحد سبعون فيما ذكره مغلطاي وغيره" اعتمادًا على ما صرَّح به حديث البراء وأنس في الصحيح، وأُبَيّ بن كعب، وقد صحَّحه ابن حِبَّان وهو المؤيَّد بقوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥] . اتفق علماء التفسير على أن المخاطب بذلك أهل أُحد، وأنَّ المراد بإصابتهم مثليها يوم بدر بقتل سبعين، وأسر سبعين، وبه جزم ابن إسحاق, وقد مَرَّ له مزيد، وأنَّ الزيادة إن ثبتت إنما نشأت عن الخلاف في التفصيل, وليست زيادة في الجملة، قاله اليعمري والعسقلاني: "وقيل: خمسة وستون, أربعة من المهاجرين" حمزة، وعبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان، ومصعب بن عمير كما عند ابن إسحاق. "وروى ابن منده" والحاكم في الإكليل والمستدرك "من حديث أُبَيّ بن كعب، قال: