قال الحافظ: وكان الخامس سعد مولى حاطب، ذكره موسى بن عقبة، والسادس ثقيف بن عمرو الأسلمي حليف بني عبد شمس، فقد عدَّه الواقدي منهم، "وصحَّحه ابن حبان من هذا الوجه", وكذا الحاكم وهو قول الأكثر، وعد ابن سعد من استشهد بأحد من غير الأنصار: الحارث بن عقبة بن قابوس المزني، وعمَّه وهب بن قابوس، وعبد الله وعبد الرحمن ابني الهبيب -بموحدتين- مصغَّر من بني سعد بن ليث، ومالكًا والنعمان ابني خلف بن عون الأسلميين، قال: إنهما كانا طليعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقتلا. قال الحافظ: ولعلَّ هؤلاء كانوا من حلفاء الأنصار فعدوا فيهم، فإن كانوا من غير المعدودين أولًا، فحينئذ تكمل العدة سبعين من الأنصار، وتكون جملة من قتل أكثر من سبعين. ومن قال سبعون، ألغى الكسر، انتهى. "وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون رجلًا" منهم حملة اللواء من بني عبد الدار بن قصي، عشرة بغلامهم قد سبق ذكرهم. وقال ابن إسحاق: اثنان وعشرون رجلًا، فأسقط واحدًا, وهو شريح بن قارظ. وفي سيرة مغلطاي ما لفظه: وقتل من المشركين ثلاثة، ويقال: اثنان وعشرون رجلًا، وهذه عبارة موهمة كما قاله البرهان. "وقتل -عليه الصلاة والسلام- بيده أُبَيَّ بن خلف", ولم يقتل بيده أحد سواه. ففي قول ابن إسحاق: ناول سيفه فاطمة فقال: "اغسلي عن هذا دمه" نظر، وكذا في قوله: "رمى عن قوسه حتى صارت شظايا"، كذا ذكر ابن تيمية، وقال: الشجاعة تكون شيئين: قوة القلب وثباته عند المخاوف، والثاني: شدة القتال بالبدن بأن يقتل كثيرًا، أو يقتل قتلًا عظيمًا, والأول هو الشجاعة، والثاني يدل على قوة البدن وعمله، وليس كل قوي البدن قوي القلب، ولا عكسه، والخصلة الأولى يحتاج إليها أمراء الجيوش والحروب وقوادها أكثرمن الثانية، فإن المقدم إذا كان شجاع القلب ثابتًا، أقدم وثبت ولم ينهزم، فقاتل معه أعوانه، وإذا كان جبانًا ضعيف القلب ذلَّ ولم يقدم ولم يثبت، ولو كان قوي البدن, وكان -صلى الله عليه وسلم- أكمل الناس في هذه الشجاعة التي هي المقصودة في أئمة الحرب، ولم يقتل بيده إلّا أُبَيّ بن خلف. قال البرهان: وفي المستدرك عن ابن عباس، لما رجع -صلى الله عليه وسلم- من أُحد أعطى فاطمة ابنته