"وحضرت الملائكة يومئذ، ففي حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم في صحيحه" في كتاب المناقب، لا المغازي، "أنه رأى", ولفظه قال: رأيت، "عن يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن شماله يوم" وقعة "أُحد رجلين" أي: ملكين في صورة رجلين, "عليهما ثياب بيض, ما رأيتهما قبل ولا بعد". وفي رواية الطيالسي: لم أرهما قبل ذلك اليوم ولا بعده. "يعني: جبريل وميكائيل يقاتلان عنه" صلى الله عليه وسلم "كأشد القتال". قال المصنف: الكاف زائدة، أو للتشبيه، أي: كأشد قتال بني آدم، وهذ الحديث أخرجه البخاري أيضًا، ولكنه لم يقع عنده التصريح باسم الملكين، فلذا اقتصر المصنّف على عزوه له، "وفيه كما قدمناه في غزوة بدر أن قتال الملائكة معه -صلى الله عليه وسلم- لا يختص بيوم ببدر،" لتصريحه بأنهما قاتلا يوم أُحد. وأيضًا روى الطبراني وابن منده أنه -صلى الله عليه وسلم- سأل الحارث بن الصمَّة عن عبد الرحمن بن عوف، فقال: هو بجنب الجبل، فقال -صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تقاتل معه". قال الحارث: فذهبت إليه فوجدت بين يديه سبعة، فقلت له: ظفرت يمينك أكل هؤلاء قتلت؟ فقال: أما هذا وهذا فأنا قتلتهما، وأمَّا هؤلاء فقتلهم من لم أره، فقلت: صدق الله ورسوله. وروى ابن سعد: أن مصعبًا لما قُتِلَ أخذ اللواء ملك في صورته، فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تقدَّم يا مصعب" فالتفت الملك إليه وقال: لست بمصعب، فعرف أنه ملك أُيّد به، "خلافًا لمن زعمه كما نصَّ عليه انووي في شرح مسلم كما قدمته، والله أعلم" وقد قدَّمنا ثمة الجواب عن البيهقي وغيره, بما حاصله أنَّ قتالهم ببدر كان عامًّا عن جميع القوم، وأمَّا في أُحد فإنهما ملكان, وقتالهما عن المصطفى فقط.