وقال ابن كثير: يحتمل أنَّ المراد التعريض بالنهي عن السكر بالكلية؛ لكونهم مأمورين بالصلاة في الخمسة أوقات من الليل والنهار، فلا يتمكَّن شارب الخمر من أدائها في أوقاتها دائمًا، انتهى. فكأنما قيل لهم: حال الصحو لا تسكروا لئلّا يفوتكم به شيء من الصلاة. "وكان الناس يشربون،" لأنهم ما نهوا عنه، "ثم نزلت آية أغلظ من ذلك" للأمر الصريح باجتنابها، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] "الآية، إلى قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الآية، وضمير اجتنبوه للرجس المعبّر به عن هذه الأشياء، كما جزم به الجلال. وزاد البيضاوي: أو للتعاطي. قال: وأكد تحريمهما فصدر الجملة بإنما, وقرنهما بالأنصاب والأزلام، وسمَّاهما رجسًا، وجعلهما من عمل الشيان تنبيهًا على أنَّ الاشتغال بهما شر بحت أو غالب، وأمر باجتناب عينهما، وجعله سببًا يرجى منه الفلاح، ثم قرر ذلك بأن بيِّن ما فيهما من المفاسد، فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَان} الآية. "قال: انتهينا ربنا" كذا في النسخ. فقال الشارح: قائله عمر، كما مَرَّ عن البيضاوي, والذي مَرَّ حديث آخر غير هذ، والذي في المسند لأحمد عن أبي هريرة، ثم نزلت آية أغلظ من ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] الآية، إلى قوله {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُون} [المائدة: ٩١] الآية، قالوا: انتهينا ربنا، فقال الناس: يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله، وماتوا على فراشهم، وكانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجسًا من عمل الشيطان، فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] الآية، إلى آخر الآية. "والميسر" بكسر السين، وتضم وتفتح كما في القاموس، "القمار" بكسر القاف. قال البيضاوي: سُمِّيَ به؛ لأنه أخذ مال الغير بيسر أو سلب يساره، أي: غناه، "وقيل غيره", فقيل هو التردد، وقيل: اللعب بالقداح، وقيل: الجزور التي كانوا يتقامرون عليها إذا أرادوا أن ييسروا، اشتروا جزورًا نسيئة، ونحروه قبل أن ييسروا، وقسموه ثمانية وعشرين قسمًا، وعشرة أقسام، فإذا خرج واحد واحد باسم رجل رجل، ظهر فوز من خرج لهم ذوات الأنصباء،