للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: ٢١٩] إلى آخر الأية. فقال الناس: ما حرم علينا، إنما قال: فيهما إثم كبير.

وكانوا يشربون الخمر حتى كان يومًا من الأيام صلى رجل من المهاجرين, أمَّ أصحابه في المغرب خلط في قراءته، فأنزل الله آية أغلظ منها فيها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] .


والاحتياج إليه، "فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنهما" عن حكمهما أحلال أم حرام؟ "فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [البقرة: ٢١٩] الآية، ما حكمهما؟ {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِير} [البقرة: ٢١٩] الآية، عظيم, وفي قراءة بالمثلثة لما يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة، وقول الفحش، {وَمَنَافِعُ لِلنَّاس} باللذة والفرح في الخمر، وإصابة المال بلا كَدٍّ في الميسر "إلى آخر الآية", يعني: وإثمهما أكبر من نفعهما، "فقال الناس: ما حرم علينا, إنما قا فيهما إثم كبير" كأنهم فهموا أن المراد به ما يكون سببًا لفعل الحرام من تغيير العقل بالخمرة، وقيام النفوس بالقمار, فهما مظنة للحرام، ولا يلزم منه التحريم، "وكانوا يشربون الخمر", وفي إقراره -صلى الله عليه وسلم- لهم دليل على أن المراد ما فهموه "حتى كان" وجد "يوم من الأيام" وفي نسخة: يومًا بالنصب على الظرفية، أي: في يوم، وعلى التقديرين فقوله: "صلى رجل" في موضع المصدر, لكن على النصب, المصدر المؤوّل اسم كان، وعلى الرفع فاعل لفعل مقدَّر، أي: حتى وجد يوم وقع فيه صلاة رجل "من المهاجرين" هو علي، وقيل: ابن عوف، على ما حكاه ابن كثير، "أمَّ أصحابه في المغرب خلط في قراءته".
وروى أبو داود، والترمذي، وحسَّنه النسائي والحاكم عن علي قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعامًا، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منَّا وحضرت الصلاة، فقدموني فقرأت: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} ونحن نعبد ما تعبدون، "فأنزل الله آية أغلظ منها فيها،" ولم تقع هذه الجملة في حديث علي, إنما قال: فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: ٤٣] الآية، أي: لا تصلوا {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] الآية، من الخمر عند الأكثرين؛ لأن سبب نزولها صلاة جماعة حال السكر.
وقال الضحاك: المراد من النوم، قاله البغوي، {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] الآية" بأن تصحوا، وكان وجه الغلظ اشتمالها على النهي صريحًا، لكنه ليس عن شرب الخمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>