وفي سيرة ابن هشام: وأخذ -صلى الله عليه وسلم- أبا عزَّة -بعين مهملة وزاي مشددة مفتوحة وتاء تأنيث- عمرو بن عبد الله الجمحي، وكان أسره ببدر، ثم مَنَّ عليه فقال: يا رسول الله, أقلني، فقال: "والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول: خدعت محمدًا مرتين، اضرب عنقه يا زبير"، فضرب عنقه. قال ابن هشام: وبلغني عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال -صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، اضرب عنقه يا عاصم بن ثابت"، فضرب عنقه. "قال الحافظ مغلطاي: وحُرِّمَت الخمرة في شوال" سنة ثلاث بعد وقعة أُحد. ففي الصحيح عن جابر قال: اصطبح الخمر يوم أُحد ناس، ثم قتلوا شهداء. زاد في رواية: وذلك قبل تحريمها، "ويقال: سنة أربع"، ذكره ابن إسحاق وفيه نظر؛ لأن أنسًا كان الساقي يوم حُرِّمَت، فلمَّا سمع النداء بتحريمها بادر فأراقها. فلو كان ذلك سنة أربع لكان أنس يصغر ع ذلك "انتهى" كلام مغلطاي بما زدته، كما نقله عنه المصنف في الحديبية، وفي نظره نظر؛ لأن أنسًا كان ابن أربع عشرة سنة، فليس يصغر عن ذلك على أن إراقتها كان بأمر الصحابة له، كما في البخاري عنه. وجزم الدمياطي بأن تحريمها كان سنة الحديبية. "قال أبو هريرة فيما رواه أحمد: حُرِّمَت الخمر ثلاث مرات", أي: نزل تحريمها في القرآن ثلاثًا، إلّا أنها حرمت ثم حرمت. وهكذا قال الإمام الشافعي: ليس شيء أُحِلَّ ثم حُرِّمَ، ثم أُحِلَّ ثم حُرِّمَ إلا المتعة. قال بعضهم: نسخت ثلاثًا، وقيل: أكثر. ويدل عليه اختلاف الروايات في وقت تحريمها، نقله الحافظ في تخريج الرافعي, ومَرَّ في تحويل القبلة عن ابن العربي أنها كنكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية, نُسِخَت مرتين. وزاد أبو العباس العزفي: الوضوء مما مسَّت النار، وأيًّا كان فليس الخمر منها, وبين المرات بقوله: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر" أي: يتناولون المال المتحصل من القمار، ويصرفونه في منافعهم، وخصَّ الأكل لكثرة وقوعه وعمومه