وسألته عن خمسة عشر قال: إنما وجب فيه البناء لأن معناه خمسة وعشرة، فلما ضما وأسقطت الواو تضمن جمعهما معنى الحرف، يعني الواو، فضارعا حروف المعاني بما تضمنا من معنى الواو. ويلحق بهذا ما كان مثله فيجعله إذا أمكنه فيه، هذا على هذا محمول، وإذا لم يمكنه جعله مضارعا لهذا الذي يتضمن معنى الحرف، يعني الواو. وأما قبل وبعد وما أشبه ذلك فقد احتج له بمثل قول سيبويه: أجروه مجرى الزجر كحوب. وهذا قد ذكره سيبويه. ويحمل قبل وبعد لأنها ليست بمستمكنة على مثل من وإلى، لأن كل واحدة مقتضيةٌ لصاحبتها؛ فكأن قبل ابتداء غاية لبعد، وبعد انتهاء غاية لقبل، ففيها ما في من وإلى من الابتداء والانقطاع. فإذا أردنا من باب تمكنهما في الإضافة التي وضعتا عليه خرجتا إلى شبه حروف المعاني، كخروج الأسماء في باب النداء إلى مضارعة الأصوات. والأصوات عندهم كغاق وطق مضارعةٌ للحروف، لأنها حكيت حكاية جرت فيها كالزجر، لأن الزجر إنما وضعتها حروف معان ليعلم ما تريد بها، ومخرجها مخرج صوت، وحكاية الصوت كإخراج الزجر منك للمزجور، وإنما هو صوت ونداء، وهي مضارعة لحروف المعاني من هذه الجهة. وكذلك حروف الهجاء إذا قطعت، والعدد إذا تكلم به من غير عطفٍ حكمة حكم الصوت المكرر.
وقد كان ربما قال: البناء بغير هذا المعنى. وهذا الذي كان يعتمد عليه.
وأما مذهب سيبويه فإنه لم يخص بالبناء شيئا من شيء. وقال: هو