للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخرجهما، وقد يصنع هذا أئمة الحديث، وهذا كثير في صنيع الدارقطني وغيره، وقد نبَّه على هذا ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرحه على (العلل)، وهذا مفيد ومبحث نفيس، فقد يُعل حديثان وإن كانا مختلفي المخرج، لكن لا يُقال هذا مبحث زيادة الثقة، وإنما يُعل هذا بذاك، وذكرته استطرادًا حتى لا يختلط بمبحث زيادة الثقة.

• المسألة السابعة: التفرد علة اعتنى بها الأولون، وأعلوا بها كثيرًا، وأغفلها المتأخرون، وقد تكلم على التفرُّد الإمام مسلم في كتابه (التمييز)، وابن رجب في شرح (العلل) ونقلها عن الأئمة الأوائل، وذكره غيرهما من أهل العلم، والتفرد قد يشترك مع زيادة الثقة وقد ينفرد، بمعنى: إذا اشترك الرواة في رواية حديث ثم انفرد أحدهم بزيادة فهذه يُقال لها تفرد ويُقال لها زيادة ثقة، لكن إذا لم يُشاركه غيره وإنما انفرد هو بالحديث كله فهذا مبحث التفرد.

ومن أمثلة ذلك -والله أعلم-: حديث عاصم بن كليب، عن أبيه عن وائل بن حجر، في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه قد تفرد بهذا الحديث عاصم بن كليب، ومثله لا يُحتمل تفرده كما بيَّنه الإمام علي بن المديني، لذلك أكثر من ذكر هذه الرواية ابن خزيمة في صحيحه، وذكر شيئًا منها أبو داود وغيره، وقد أعلَّ تفردات عاصم بن كليب الإمام علي بن المديني.

والتفرد علة ينبغي أن يُدقق فيها، فقد ذكر الإمام أحمد أن تفرد الثقة يُشدد فيه، وقال: وقد يُضعَّف ما انفرد به الأئمة الكبار، كالثوري وغيره. نقله ابن رجب في شرح (العلل)، وقد تكلم على هذا بكلام مفيد ابن رجب في شرح (العلل)، فلذلك إذا انفرد عالم بحديث ينبغي أن يُدقق في هذا الحديث، وفي أن تفرد مثله يحتمل وهكذا ... وهل انفرد عن شيخ هو أكثر ملازمة له أم لا؟ إلى غير ذلك من المعاني، وهذه علة أغفلها المتأخرون غاية الإغفال، واعتنى بها كثيرًا الأولون، وهي مفيدة للغاية في التعامل مع الأحاديث.

وأذكر مثالًا على زيادة الثقة زيادةً على ما تقدم:

روى عاصم بن كليب عن أبيه عن جده صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورواه عن عاصم جماعة منهم الثوري، وابن عيينة، وشعبة، وآخرون.

<<  <   >  >>