للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما حاجتك قالت عندي أيتام ما أكلوا طعاما منذ ثلاثة أيام فقال ادخلي فعرفت منه الفساد فقالت معاذ الله فجنبها كرها عنها فقالت يا كاشف كل شدة اعصمني منه ثم قالت اسمع ما أقول، فقالت: شعر:

ألا أيها الناسي ليوم رحيله ... أراك عن الموت المفرق لاهيا

ألم تعتبر بالظاعنين إلى البلى ... وتركهم الدنيا جميعا كما هيا

ولم يخرجوا إلا بقطن وخرقة ... وما عمروا من منزل ظل خاليا

وأنت غدا أو بعده في جوارهم ... وحيدا فريدا في المقابر ثاويا

ثم بكت وقالت يا رب أغثني وخلصي من هذا الرجل فلما سمع كلامها بكى بكاء شديدا فقالت بالله عليك إن كان حصل لك الصلح بينك وبين مولاك فلا تنس كرامة البكاء فأعطاها نفقة وقال أطعمي أولادك واسأليهم أن يدعوا لي بمحو ما في الديوان قالت نعم فلما صنعت لهم الطعام سألتهم أن يدعوا له فقالوا والله لا نأكل حتى ندعوا له فإن الأجير لا يستحق الأجرة حتى يعمل ثم إن الرجل دخل إلى أمه ونظر في الديوان فوجده أبيض ما فيه سيئة فأخبر أمه بذلك فسألته ما السبب قال جاءتني امرأة تطلب قوت أولادها فجرى الصلح على يديها ثم توضأ وقال اللهم محوت الذنوب من المكتوب الحقني بك ثم سجد فحركته أمه فإذا هو قد مات ... لطيفة: إنما أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده اسماعيل لأنه رأى عاصيا فدعا عليه ثم ثانيا ثم ثالثا فقال الله تعالى كف عن عبادي أما تعلم أني رحيم بهم إن تابوا تبت عليهم ألم يخرج من أصلابهم من يوحدني فالمشيئة مشيئتي فإذا سألتني هلاك عبدي فأنا أسألك ذبح ولدك واحدة بواحدة ذكره ابن عبادي في شرح الحكم ... فائدة: لما خرج يوسف عليه السلام من الجب أشرق نوره على جبال كنعان فعرف إخوته بخروجه فلحقوه وباعوه وقال عكرمة بأربعين درهما وقال ابن عباس بعشرين درهما كذلك العاصي إذا بكى ندما أشرق نوره تحت العرش فتقول الملائكة ما هذا النور فيقال هذا عبد خرج من جب المعصية إلى فضاء الطاعة وقد قدمنا في باب الخوف أن دمعة حواء صارت في البحر لؤلؤا يتقدم في سوق الجواهر كذلك دمعة العاصي إذا بكى من خشية الله تعالى يقول الله تعالى يا ملائكتي قوموا دمعة عبدي فتقول قيمتها أن تقبل منه الحسنات فيقول الله تعالى قيمتها أكثر من ذلك فقول الملائكة قيمتها أن تكفر عنه السيئات فيقول قيمتها أكثر فتقول قيمتها أن تعطيها الجنة فيقول تعالى قيمتها أكثر من ذلك فيقولون ربنا عجزنا عن معرفة القيمة فيقول قيمتها النظر إلى جمال وجهي ... حكاية: كان في بني إسرائيل عبد عصى ربه عشرين سنة ثم نظر في المرآة يوما فرأى الشيب في لحيته فقال إلهي عصيتك عشرين سنة فإن رجعت إليك تقبلني فسمع صوتا اجتنبتنا فاجتنبناك وتركتنا فتركناك فأمهلناك وإن رجعت إلينا قبلناك ورأيت في تفسير العلائي في سورة يوسف عليه السلام أن الله تعالى أنزل في صحف إبراهيم عليه السلام من العزيز الحميد إلى من أبى من العبيد سلام عليكم، هذه رسالتي إليكم بما اختصكم به من نور العلم، وذكاء الفهم فأول ذلك أني أخرجتكم من العدم إلى الوجود واخترعت لكم الجود وأنشأت لكم الأبصار

<<  <  ج: ص:  >  >>