يكون أشد عليه مما قبل وقوعه وقال أيضا مثال المؤمن مع إبليس كشجرة مر عليها رجل فأخذ منها سواكا مثلا فلا يخاصمه صاحبها لأنها تنبت غيره فإن أخذ فأسا وأراد قطعها منعه من ذلك. وخاصمه فالمعصية كالسواك فيخلفها بحسنة والكفر كالفأس فإذا أراد الشيطان أن يوقعه في الكفر منعه الله من ذلك.. الثانية: ما الحكمة في خلق إبليس فالجواب أراد الله تعالى أن يغفر ذنوبنا ويردها عليه فيضاعف عليه العذاب وأيضا فلولا النار لم يظهر طيب العود كذلك لولا الشيطان لم يظهر فضل المؤمن إما بالمخالفة له أصلا وذلك بتوفيق الله تعالى وإما بالتوبة عما فعله بوسوسته مع موافقة القدر لأن المدينة لابد لها من كناس يدفع عنها القاذورات فلا يغني عنهم صاحب المسك شيئا فالقلب مدينة والنفس منتنة فخلق إبليس كناسا لها وأيضا فالله تعالى كان قادرا على نصر المؤمنين في الحرب فهزمهم ليجدوا الشهادة ثم نصرهم ليجدوا الغنيمة كذلك نصرهم على الشيطان ليجدوا الجنة ثم غلبهم الشيطان مرة أخرى فأوقعهم في الشهوات فإذا تابوا فقد حصلت لهم لذة الدنيا والآخرة قال ابن العماد في كشف الأسرار خلق الله إبليس من الظلمة وقيل من اللعنة وقال الرازي ردا على القائلين بأنه من الملائكة أنهم خلقوا من النور وهو من النار وقال النووي وغيره الصحيح أنه من الملائكة وقال القاضي عياض أنه أبو الجن كما أن آدم أبو البشر وفي الحديث أن الله تعالى لما أراد أن يخلق لإبليس زوجة ألقى عليه الغضب فطارت منه شظية فخلق الله منها امرأته رسلا بفتح الراء وإسكان السين المهملة وذكر ابن العماد أن له ذكرا في فخذه الأيمن وفرجا في الأيسر ورؤية الجن على صورهم الحقيقية ممتنعة وتصح الجمعة بأربعين مكلفا من الجن أو كان بعضهم إنسا وبعضهم جنا إذا تصوروا كصور الآدميين.. الثالثة: ما الحكمة في أعوذ بالله دون غيره من الأسماء قال النيسابوري لأن العدو كلما كان شديدا احتاج له إلى عدة كثيرة وهذا الاسم جامع لجميع صفات الكمال.. الرابعة: ما الحكمة في الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم دون جبريل وغيره من الملائكة مع أن الكفاية من شره تحصل بأصغر الملائكة وهو أصغر من أن يستعاذ منه بالله العظيم قال النيسابوري كأنه تعالى يقول عبدي ما وكلت حفظك إلى غيري بل توليته بنفسي.. الخامسة: ما الحكمة في اقتران التعوذ بالبسملة قال النيسابوري لأن البسملة فيها شفاء المؤمن والاستعاذة فيها سم الشيطان وفي الحديث أغلقوا أبواب المعاصي بالإستعاذة وافتحوا أبواب الطاعة بالتسمية.. السادسة: ما الحكمة في موت الحبيب صلى الله عليه وسلم وإبقاء العدو الجواب أن العدو خصم والحبيب شافع والله تعالى قاض فقدم الشفيع قبل الخصم لينوب عنا في الخصومة قال النيسابوري لما أنظره الله تعالى قال وعزتك لم أخرج من قلب بني آدم ما دام فيه الروح فقال وعزتي لم أمنعهم من التوبة ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال لأغوينهم أجمعين فقال تعالى لأكفرن عنهم سيئاتهم فقال لآتينهم من بين أيديهم قال العلائي ينسيهم الآخرة ومن خلفهم معناه يزين لهم الدنيا وعن أيمانهم معناه يصدهم عن الحق وعن شمائلهم معناه يزين لهم الباطل
قال الرازي لما قال هذا الكلام رقت قلوب الملائكة على البشر فأوحى الله تعالى إليهم أنه بقي بالإنسان جهة الفوق والتحت فإذا رفع يديه