للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله على ما أكرمني الله به ثم قال انطلق يا محمد إلى الجنة حتى أريك ما لك فيه فتعرف ما لك وإلى ما يكون معادك بعد الموت فتزداد بذلك في الدنيا زهدا إلى زهدك ورغبة في الآخرة إلى رغبتك فسرت معه فسار بي أسرع من السهم حتى وصلنا إلى الجنة بإذن الله تعالى فأقبل رضوان خازن الجنان وخلفه قبائل مع كل واحد ألف ألف ملك رافعي أجنحتهم ورءوسهم يشيرون إلي بالأصابع ويقولون لقد أكرم الله هذا النبي الأمي مرحبا بك يا جبريل وبمن معك في رواية أقبل رضوان ومعه ملائكة الحجب وجوههم كالقمر ليلة البدر ويفوح ريح المسك من ثيابهم مكللون بتيجان من نور فقلت ما أحسن هؤلاء فقال والذي بعثك بالحق إن أمتك إذا اتقوا وسلموا من الدنيا كانوا في الجنة أحسن منهم فلما دخلتها هدأت نفسي وذهب روعي فما تركت فيها مكانا إلا رأيته فرأيت قصورا من الدر والياقوت والأشجار من ذهب وقضبانها من اللؤلؤ وعرقها من فضة راسخة في المسك ورأيت شجرة ساقها في كثافة لا يعلمها إلا الله تعالى وأغصانها أكثر من نبات الأرض والورقة الواحدة تغطي الدنيا وعليها من أصناف الخير ضروب شتى فقلت يا جبريل ما هذه الشجرة قال لك ولأزواجك وأولادك وكثير من أمتك وتحت هذه الشجرة ملك كبير وعش عظيم ثم رأيت نهرا يخرج من أصلها أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل على رضراض من در وياقوت ومسك أبيض فقال جبريل هذا الكوثر الذي أعطاك ربك وهو التسنيم يخرج من تحت العرش إلى دورهم وقصورهم ثم سار بي إلى شجرة أخرى فإذا أوراقها حلل طرائف من ثياب الجنة وأبيض وأحمر وأخضر وأصفر وثمارها أمثال القلال في ألوان شتى فقلت يا جبريل ما هذه الشجرة فقال هذه ذكرها الله تعالى في القرآن بقوله تعالى الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب وهي لك ولكثير من أمتك ولك فيها حسن مقيل

ونعيم ثم طاف بي في الجنة فإذا بقصر من ياقوتة حمراء في جوفه سبعون ألف قصر في كل قصر سبعون ألف دارا في كل دار سبعون ألف بيت في كل بيت سبعون ألف خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها في جوفها سرير من ذهب لذلك شعاع كشعاع الشمس وهي مكللة بالدر والجوهر وعليها فرش من سندس فوق تلك الفرش حلى كثير لا أطيق وصفه في كل قصر دار ونبت فيها شجر كثير مكلل سوقهن بالذهب وأغصانها بالجوهر وثمرها مثل القلال في كل خيمة منها الأزواج من الحور العين لو دلت واحدة منهن كفها من السماء لأذهب ضوء كفها ضوء الشمس فكيف بوجهها ولكل واحدة منهن سبعون ألف غلام وهم خدمها سوى خدم زوجها كل ذلك مفرغ منه ينتظر صاحبته ثم خرجت من الجنة فمررنا في السموات منحدرين من سماء إلى سماء فرأيت آدم ونوحا وإبراهيم وعيسى فسلمت عليهم فتلقوني بالتحية وقالوا ما صنعت يا نبي الرحمة فأخبرتهم ففرحوا بذلك وحمدوا الله تعالى وسألوه لي المزيد ثم خرجت مع جبريل لا يفوتني ولا أفوته حتى دلاني في مكاني من الأرض الذي حملني منه وأرانى من ذلك عجائب الأرض وما خلق الله فيها وكل ذلك في ليلة واحدة فأنا سيد ولد آدم ولا فخر. فقال الزركشي معناه ولا فخر أتم من هذا الفخر فأخبرت بذلك قومي فكذبون

<<  <  ج: ص:  >  >>