لم يبرد من أثر النوم وقيل أن غصن شجرة أصابه بعمامته في ذهابه فلما رجع وجده بعد يتحرك ورأى ركبا من قريش في طريقه فلما أخبر قومه بالمعراج سألوه عن الركب فقال مررت على عير بني فلان وقد ضل لهم بعير وهي يطلبونه فدللتهم عليه في رحلهم قدح فيه ماء فأخذته وشربته ثم وضعته مكانه فسألوهم هل وجدوا الماء ثم قالوا أخبرنا عن عيرنا متى تجيء قال تطلع عليكم عند غروب الشمس فخرجوا ينتظرونها فلما كادت الشمس تغرب حبسها الله تعالى فغربت الشمس مع العير فقال رجل هذه العير وقال آخر هذه الشمس ثم سألوه عن بيت المقدس فجلاه الله تعالى له حتى صار ينظر إليه فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به فارتد كثير من الناس فذلك قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ثم ذهب جماعة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقالوا إن صاحبك يزعم أنه جاء في هذه الليلة من مكة إلى بيت المقدس فقال إنكم تكذبون عليه فقالوا إنه في المسجد يحدث الناس فقال والله لئن قال ذلك لقد صدق فوالله إنه ليخبرني بالخبر يأتي إليه من السماء إلى الأرض في ساعة واحدة من ليل أو نهار فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون به فجاءه أبو بكر رضي الله عنه قال فقال يا رسول الله قال هؤلاء إنك جئت من بيت المقدس هذه الليلة قال نعم قال فصفه لي فإني رأيته فوصفه فقال أبو بكر صدقت أشهد أنك رسول الله وسيأتي أن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم بعين رأسه رآه أبو بكر بعين قلبه فإن قيل موسى عليه السلام تبرقع عند عوده من المناجاة ومحمد صلى الله عليه وسلم ما فعل ذلك لما رجع من المعراج فما الحكمة في ذلك فالجواب من وجوه الأول أن موسى رجع عليه أثر الرد بقوله لن تراني قال بعضهم لما قال موسى رب أرني أنظر إليك وجد مكتوبا على صخرة ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن والإشارة في ذلك أن الرؤية حق ليتيم أبي طالب وخجل الرد يعمي ومحمد صلى الله عليه وسلم رجع وعليه أثر القبول وهو يقوي البصر الثاني كما منعه الله تعالى من النظر إليه كذلك منع قومه من النظر إليه الثالث أن موسى غشي وجهه نور لم يغشه قبل ذلك ومحمد صلى الله عليه وسلم منور في كل الأحوال قال أبو هريرة رضي الله عنه كانت الشمس في إحدى وجنتيه والقمر في الأخرى الرابع نور موسى عليه السلام كان على وجهه فكل من رآه عمى ونور محمد صلى الله عليه وسلم في
قلبه فكل من رآه بنور قلبه اهتدى الخامس أراد الله تعالى أن يعنف أمة موسى لما قالوا أرنا الله فكأنه قال تعالى هذا موسى رأى بعض آياتنا فلم تستطيعوا أنتم النظر إليه فكيف تريدون أنتم النظر إلى الخالق وقيل لا رجع موسى من المناجاة رجع والبرقع على وجهه فقالت له زوجته اكشف عن وجهك فكشف لها عن وجهه فعميت فدعا لها فرد الله بصرها وكذا سبع مرات وما قالت تبت عن قولي لك اكشف عن وجهك فلما كان بعد السابعة وهبها قوة بصرها فثبت على رؤية نور موسى عليه السلام فلما طلب الرؤية من الله تعالى وخر صعقا قال تبت قيل له ارجع وتعلم صدق الطلب من زوجتك حيث اختارت العمى سبع مرات وهي ترجع وأنت في مرة واحدة تقول تبت إليك السادس أن الله تعالى تجلى لموسى بالجلال وهو يدهش وتجلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بالجمال وهو ينعش قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد أن المحبة الناشئة عن معرفة الجمال أفضل من المحبة الناشئة عن الإنعام وعن الأفضال لأن محبة الجمال نشأت عن جمال الله تعالى ومحبة الإنعام والأفضال نشأت عما صدر من فضله ونعمه والتعظيم والإجلال أفضل من الكل وقال البلقيني في الفوائد على القواعد وهذا يقتضي أن مقام الجلال أفضل من مقام الجمال والذي اختاره شيخنا أن مقام الجمال أفضل لأنه مقام النبي ليلة المعراج ومقام الجلال مقام موسى لما تجلى ربه للجبل ومقام نبينا أفضل والله أعلم وقد أجاد القائل: شعر: فكل من رآه بنور قلبه اهتدى الخامس أراد الله تعالى أن يعنف أمة موسى لما قالوا أرنا الله فكأنه قال تعالى هذا موسى رأى بعض آياتنا فلم تستطيعوا أنتم النظر إليه فكيف تريدون أنتم النظر إلى الخالق وقيل لا رجع موسى من المناجاة رجع والبرقع على وجهه فقالت له زوجته اكشف عن وجهك فكشف لها عن وجهه فعميت فدعا لها فرد الله بصرها وكذا سبع مرات وما قالت تبت عن قولي لك اكشف عن وجهك فلما كان بعد السابعة وهبها قوة بصرها فثبت على رؤية نور موسى عليه السلام فلما طلب الرؤية من الله تعالى وخر صعقا قال تبت قيل له ارجع وتعلم صدق الطلب من زوجتك حيث اختارت العمى سبع مرات وهي ترجع وأنت في مرة