للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميسرة بقول الراهب وقال ميسرة كان إذا اشتدت الحرارة نزل عليه ملكان يظلان عليه من الشمس وهو على بعيره فأرسلت إليه وعرضت نفسها عليه ثم أرسلت إليه شيئا ليرسله إلى أبيها حتى يرغب فيزوجه بها فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعمامه فخرج حمزة وأبو طالب ورؤساء الحرم إلى خويلد بن أسد فخطب أبو طالب وقال الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل بيتنا محجوبا وحرما آمنا وجعلنا سواس حرمه والحكام على الناس ثم أن ابن أخي محمد لا يوزن برجل إلا رجح به فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل وقد خطب خديجة ولها من الصداق ما عاجله وآجله كذا وهو والله بعد هذا له نبأ فزوجه أبوها خويلد وهي بنت أربعين سنة وهو ابن خمس وعشرين وأصدقها عشرين بكرة ونحر في وليمتها جزورين ورأيت في كتاب شرف المصطفى أن أبا طالب قال يا محمد أنت يتيم فقير ومنه خديجة تستأجر الأجراء فهل لك أن أذهب بك لعلها تستأجرك فتنال منها خيرا قال نعم فأقبل به إليها فقالت نعم اجعل لكل أجير ناقة واجعل لمحمد ناقتين فخرج مع غلامها ميسرة وقالت لا تعص لمحمد أمرا فلما نزلوا بقرب بحيرة قال من أنت قال أنا غلام خديجة فدنا من محمد صلى الله عليه وسلم وقبل رأسه وقال آمنت بك ثم يا محمد رأيت منك العلامات كلها إلا واحدة فاكف لي عن كتفك فكشف له فنظر إلى خاتم النبوة وتقدم ببابه في المولد فقبله وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم قال يا غلام احتفظ عليه من اليهود فإنهم أعداؤه ورأيت في الدر الثمين أن الراهب إسمه نسطورا ولم يذكر أنه أسلم وذكر أن بحيرة الراهب كان رآه في السفرة الأولى مع عمه أبي طالب فربح ميسرة ربحا لم يربح مثله ثم قال يا محمد عجل إلى خديجة وبشرها بالربح الكثير وكانت خديجة رضي الله عنها يحملها خدمها إلى سطح دارها فرأت محمدا صلى الله عليه وسلم وعن يمينه ملك شاهر سيفه وعن شماله كذلك والعامة على رأسه فلما نزل على بابها وثبت إليه فإذا هي بمحمد صلى الله عليه وسلم فأخبرها بالربح فقالت له ارجع إلى ميسرة وقل له عجل وإنما أرادت تأكيد محمد فلما تحققته إمتلأ قلبها فرحا فلما قدم ميسرة سألته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني بحيرة الراهب أن محمدا نبي هذه الأمة فقالت يا محمد إذهب إلى عمك أبي طالب وقل له عجل علينا فظن أبو طالب أنها ترد محمدا عليه فشق ذلك عليه فلما دخل عليها قالت إذهب إلى عمي وقل له يزوجني بمحمد صلى الله عليه وسلم فقام أبو طالب إليه فوجده سكران فزوجها إياه وتقدم أن السكران إذا شرب الخمر مختارا عالما بالتحريم أن طلاقه وتزويحه وبيعه وسائر تصرفاته القولية والفعلية عليه نافذة صحيحة ورأيت في عقائق الحقائق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج خديجة كثر كلام الحساد فيها فقالوا أن محمدا صلى الله عليه

وسلم فقير وتزوج بأغنى النساء فكيف رضيت خديجة بفقره فلما بلغها ذلك أخذتها الغيرة على محمد صلى الله عليه وسلم أن يعير بالفقر فدعت رؤساء الحرم وأشهدتهم أن جميع ما تملكه لمحمد صلى الله عليه وسلم فإن رضي بفقري فذلك من كرم أصله فتعجب الناس منها وانقلب القول فقالوا أن محمدا أمسى من

<<  <  ج: ص:  >  >>