للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عمر بن عبد العزيز الـچـرسيفي في رسالة لأديب كتب إليه بشعر:

نفثت بأذني السحر أو شعرك الصرفا ... ولفظك هذا أو مكاملة الذَّلفا

لقد أخذت مني قوافيك مأخذا ... عظيما كأني قد سقيت به صرفا

وما كنت أدري كيف يسكر شارب، ... إلى أن مددت الكأس توجتها الكفا

سمعت بيانا بارعا وفصاحة ... إذا سمتها فكري فقد سَمتها حيفا

أدامك ربي فرهد الشعر قائلا ... إلى أن يعد الناس من عمرك الألفا (١)

ويقول أبو زيد الجشتيمي يُخاطب أحد أهله مستفزا لِهمته من أول قطعة لَم نقف منها إلا على هذا القدر:

إذا لَم يكن للمرء نَحو العلا عزم ... فلا الب يعلى شأنه لا، ولا الأم

تنام وتبغي أن تنال مراتبا ... زللت وأخطأ ما تُحاوله الوهم

بغير الجناح لا تطير إلى السما ... بزاة فكيف الطامحون وإن هموا؟

ويقول أيضا وهو في أريحية الأديب، وهي من قطعة لَم نقف منها أيضا إلا على هذا القدر:

جللني الشيب ولكن لي ... نزعا شديدا للفكاهات

أخف نَحو غزل طاهر ... فأستخف للغزالات

لكنما الدهر يقيدني ... برغم أنفي بالجلالات

وكتب أثناء رسالة أجاب بِها من يشكو إليه جيرانه من العلماء اليَزيديِّين:

«طالَما أهمني الإشفاق: أن يقع بينك وبين أهلك شقاق؛ لأنني أتخوف منك الميل إلى الأبكار؛ لِما في فضلها من الأحاديث والأخبار، مع أن من قدمك على الآباء والأولاد، أحق بِحسن صحبتك من سائر العباد.

ولا ينبغي أن تبيع وَصْلَه وصَلْحَه، ولو بِجمال عائشة (٢) بنت طلحة، والآن أمن الله خوفي، وبرد بألطافه جوفي، إذ فهمت من رسالتك ورسلك أنك على شأنك ورسلك، وأن تحيرك من أهل الجِوار ينسيك تَخير الْجَوار، وأن الأعجاز وتَمنع الأقبال يذهلانك عن الأعجاز والتمتع بالأقبال، وإن مناغاة المتاعب تَمنع من مغازلة الكواعب» (٣).


(١) الفرهد بضمتين: الغلام الممتلئ الحسن.
(٢) إحدى زوجتي الأمير مصعب بن الزبير.
(٣) تمام الرسالة في (المعسول).

<<  <   >  >>