للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاعل على الحقيقة هو الله، وأنه عبارة عن محل لفعل الله؛ مثل الإناء عندما يكون محلًّا للماء، وكالريشة التي يحركها الهواء، يعني: ليس فاعلًا فعلًا اختياريًّا، وإنما الله ﷿ هو الذي يحركه، والإنسان مسلوب الإرادة، مجبور على فعله.

ويترتب على هذا القول: أن القول الذي يقوله الإنسانُ ليس قولَه؛ بل هو قولُ الله، وأنَّ الفعل الذي يقوم به الإنسان ليس فعلَه، وإنما هو فعلُ الله.

ويترتب على هذا أيضًا: أنه بسبب شهوده لهذه الحقيقة تَسقط عنه التكاليف؛ لأنه لا فِعل له؛ فالتكليف يحصل عندما يكون للإنسان فِعل، ثم يحاسب على هذا الفعل، ولكن إذا لم يكن له فعل؛ فكيف يحاسب عليه؟ وكيف يجازى على فعله مع أنه ليس هو فاعله حقيقة؟ وإنما الفعل الذي فيه هو فِعل الله؛ لذلك أسقطوا التكاليف الشرعية.

وهذا- لا شكَّ- قولٌ في غاية الكفر، والسبب هو: أنهم جعلوا هذه الأفعال القبيحة التي تَصدر عنهم من كفر أو فسق- هي فعل الله؛ فجَرَّدوا الإنسان من إرادته.

مع أنَّ هذا مخالف لحقيقة الإنسان في الدنيا الآن، ومخالف لشعوره، ومخالف للواقع الذي يعيشه، وهو أنَّ له إرادة وله عمل، وهو محاسب على إرادته وعمله، بالإضافة إلى النصوص المتوافرة من الكتاب والسنة المثبتة للإنسان إرادة ومشيئة واختيارًا وسعيًا وكسبًا.

* * *

<<  <   >  >>