للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وهَذَا لَا يحصل لَهُ إِلَّا بإعانة الله لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَقدر على تَحْصِيل ذَلِك لَهُ إِلَّا الله، فَهُو دَائِمًا مُفتقر إِلَى حَقِيقَة: ﴿إيَّاك نعْبد وإِيَّاك نستعين﴾ [الفاتحة: ٥]، فَإِنَّهُ لَو أُعين على حُصُول كل مَا يُحِبهُ ويطلبه ويَشتهيه ويريده، ولم يحصل لَهُ عبَادَة لله، فَلَنْ يحصل إِلَّا على الأَلَم والحَسْرَة والعَذَاب، ولنْ يخلص من آلام الدُّنْيَا ونكد عيشها إِلَّا بإخلاص الحبّ لله؛ بِحَيْثُ يكون الله هُو غَايَة مُرَاده ونِهَايَة مَقْصُوده، وهُو المحبوب لَهُ بِالقَصْدِ الأول وكل مَا سواهُ إِنَّمَا يُحِبهُ لأَجله، لَا يحب شَيْئًا لذاته إِلَّا الله. ومَتى لم يحصل لَهُ هَذَا لم يكن قد حَقَّق حَقِيقَة: (لَا إِلَه إِلَّا الله)، ولَا حقق التَّوْحِيد والعبودية والمحبة لله، وكَانَ فِيهِ من نقص التَّوْحِيد والإِيمَان، بل من الأَلَم والحَسْرَة والعَذَاب بِحَسب ذَلِك.

ولَو سعى فِي هَذَا المَطْلُوب، ولم يَكن مُستعينًا بِاللَّه متوكلًا عَلَيْهِ، مفتقرًا إِلَيْهِ فِي حُصُوله لم يحصل لَهُ؛ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ الله كَانَ ومَا لم يَشَأْ لم يكن، فَهُو مفتقر إِلَى الله؛ من حَيْثُ هُو المَطْلُوب المحبوب المُرَاد المعبود، ومن حَيْثُ هُو المَسْئُول المُسْتَعَان بِهِ المتَوكل عَلَيْهِ، فَهُو إلهه الَّذِي لَا إِلَه لَهُ غَيره، وهُو ربُّه الَّذِي لَا ربَّ لَهُ سواهُ».

كمال الذل وكمال الافتقار يَظهران في تحقيق العبد لكمال العبودية لله تعالى؛ قال ابن القيم : «سُئل محمد بن عبد الله الفرغاني عن الافتقار إلى الله سبحانه والاستغناء به، فقال: إذا صَحَّ

<<  <   >  >>