قال المصنف ﵀: «وكثير من السالكين سلكوا فِي دَعْوى حبِّ الله أنواعًا من أُمُور الجَهْل بِالدِّينِ: إِمَّا مِنْ تعدِي حُدُود الله، وإِمَّا مِنْ تَضْييع حُقُوق الله، وإِمَّا مِنْ ادِّعَاء الدَّعَاوى البَاطِلَة الَّتِي لَا حَقِيقَة لَهَا، كَقَوْل بَعضهم: أَي مُرِيد لي ترك فِي النَّار أحدًا، فَأَنا برِئ مِنْهُ، فَقَالَ الآخر: أَي مُرِيد لي ترك أحدًا من المُؤمنِينَ يدْخل النَّار فَأَنا مِنْهُ بَرِيء.
فَالأول: جعل مريده يُخرج كل مَنْ فِي النَّار.
والثَّانِي: جعل مريده يمْنَع أهل الكَبَائِر من دُخُول النَّار.
ويَقُول بَعضهم: إِذا كَانَ يَوْم القِيَامَة نَصبت خَيْمَتي على جَهَنَّم حَتَّى لَا يدخلهَا أحدٌ.
وأمثال ذَلِك من الأَقْوال الَّتِي تُؤْثَر عَنْ بعض المَشَايِخ المَشْهُورين، وهِي إِمَّا كذب عَلَيْهِم، وإِمَّا غلطٌ مِنْهُم.
ومثل هَذَا قد يصدر فِي حَال سكر وغَلَبَة وفناء يَسْقط فِيهَا تَمْيِيز الإِنْسَان، أَوْ يَضعف حَتَّى لَا يَدْرِي مَا قَالَ. والسكر هُو لَذَّة مَعَ عدم تَمْيِيز. ولِهَذَا كَانَ من هَؤُلَاءِ مَنْ إِذا صَحا اسْتغْفر من ذَلِك الكَلَام، والَّذين توسعوا من الشُّيُوخ فِي سَماع القصائد المتضمنة للحبِّ والشوق واللوم والعذل والغرام- كَانَ هَذَا أصل مقصدهم، فَإِنْ هَذَا الجِنْس يُحَرك مَا فِي القلب من الحبِّ كَائِنا مَا كَانَ، ولِهَذَا أنزل الله محنة يمْتَحن بهَا المُحب؛ فَقَالَ: ﴿قل إِنْ كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله﴾ [آل عمرَان: ٣١]، فَلَا يكون محبًّا لله إِلَّا مَنْ يتبع رَسُوله،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute