للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله تعالى: «وأصلُ ضلال مَنْ ضَلَّ هُو بِتَقْدِيم قِيَاسه على النَّصِّ المُنَزَّل من عِنْد الله، وتَقْدِيم اتِّبَاع الهوى على اتِّبَاع أَمر الله؛ فَإِنْ الذَّوْق والوجد ونَحْو ذَلِك هُو بِحَسب مَا يُحِبُّهُ العَبْد ويهواه؛ فَكل محب لَهُ ذوق ووجد بِحَسب محبته وهواه.

فَأهل الإِيمَان لَهُمْ من الذَّوْق والوَجْد مثل مَا بيَّنه النَّبِيُّ بقوله فِي الحَدِيث الصَّحِيح: «ثَلَاث مَنْ كن فِيهِ وَجَد حلاوة الإِيمَان: مَنْ كَانَ الله ورَسُوله أحبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا، ومَن كَانَ يحب المَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله، ومن كَانَ يكره أَنْ يَرجع فِي الكفْر بعد إِذْ أنقذه الله مِنْهُ، كَمَا يكره أَنْ يُلقى فِي النَّار» (١)، وقَالَ في الحديث الصَّحيح: «ذاق طَعْمَ الإِيمَان مَنْ رَضِي بِاللَّه رَبًّا، وبِالإِسْلَامِ دينًا، وبِمُحَمَّدٍ نَبيًّا» (٢).

وأمَّا أهل الكفْر والبدع والشهوات، فَكلٌّ بِحَسبِهِ.

قيل لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة: مَا بَالُ أهل الأَهْواء لَهُمْ محبَّة شَدِيدَة لأهوائهم؟ فَقَالَ: أنسيتَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وأشربوا فِي قُلُوبهم العجل بكفرهم﴾ [البقرة: ٩٣]، أَو نَحْو هَذَا من الكَلَام.

فعُبَّاد الْأَصْنَام يُحبونَ آلِهَتهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحبِّ الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبًّا لله﴾ [البقرة: ١٦٥]، وقال: ﴿فَإِنْ لم يَسْتَجِيبُوا لَك فَاعْلَم أَنما يَتَّبعُون


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (١٦) ومسلم (٤٣) من حديث أنس بن مالك ?.
(٢) أخرجه مسلم (٣٤) من حديث العباس بن عبد المطلب ?.

<<  <   >  >>