للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «فالحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب، كما أنَّ الغِنى غنى النفس؛ قال النبيُّ : «ليس الغِنى عن كثرة العَرَض، وإنَّما الغِنى غِنى النَّفْسِ» (١).

الأمر يعود إلى القلب؛ لأنه مَلِك الجسم، كما قال أبو هريرة: «القلب مَلِك وله جنود، فإذا صَلح المَلِك صلحت جنوده، وإذا فَسَد الملك فسدت جنوده» (٢)، وقد قال النبي : «أَلَا وإنَّ في الجَسد مُضغة؛ إذا صَلحت صَلح الجسد كله، وإذا فَسَدت فَسَد الجسد كله، أَلَا وهي القلب» (٣). فهذه الأعضاء كلها تَبَع لهذا القلب؛ تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، فإذا كان هذا القلب مستعبدًا لغير الله ﷿، تَبِعته الجوارح وشَقِي صاحبه بذلك.

وعبودية القلب هي التي يترتب عليها الثواب والعقاب؛ لأن هذا القلب هو الموجه للأعضاء، فإذا كانت عبوديته لله ﷿ فالأعضاء تبع لهذا العبودية؛ فترى الإنسان- مثلًا- يغض بصره، ويحفظ فرجه، ولا يستمع إلى حرام، ولا يأكل حرامًا .. ؛ لماذا؟ لأن قلبه امتلأ عبودية ﷿؛ بحيث علم أن الأمر هو أمر الله، وأن النهي هو نهيه ﷿.


(١) أخرجه البخاري (٦٤٤٦) ومسلم (١٠٥١) من حديث أبي هريرة ?.
(٢) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (١/ ٢٥٧) برقم (١٠٨).
(٣) أخرجه البخاري (٥٢) ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير ?.

<<  <   >  >>