للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وقد وقع فِي هَذَا طوائف من المنتسبين إِلَى التَّحْقِيق والمعرفة والتوحيد.

وسبب ذَلِك: أَنه ضَاقَ نِطاقهم عَنْ كَون العَبْد يُؤمر بِمَا يقدَّر عَلَيْهِ خِلَافه، كَمَا ضَاقَ نطاق المُعْتَزلَة ونَحْوهم من القَدَرِيَّة عَنْ ذَلِك، ثمَّ المُعْتَزلَة أَثْبَتَت الأَمر والنَّهْي الشرعيين دون القَضَاء والقدر، اللَّذَيْن هما إِرَادَة الله العَامَّة وخلقه لأفعال العباد. وهَؤُلَاء أثبتوا القَضَاء والقَدَر، ونَفَوْا الأَمر والنَّهْي فِي حقِّ مَنْ شهد القدر؛ إِذْ لم يُمكنهُم نفي ذَلِك مُطلقًا.

وقَول هَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنْ قَول المُعْتَزلَة، ولِهَذَا لم يكن فِي السَّلف مِنْ هَؤُلَاءِ أحد، وهَؤُلَاء يَجْعَلُونَ الأَمر والنَّهْي للمَحجوبين الَّذين لم يَشْهدُوا هَذِه الحَقِيقَة الكونية، ولِهَذَا يجْعَلُونَ مَنْ وصل إِلَى شُهُود هَذِه الحَقِيقَة يَسْقط عَنهُ الأَمر والنَّهْي، ويَقُولُونَ: إِنَّه صَار من الخَاصَّة. ورُبمَا تأولوا على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك اليَقِين﴾ [الحجر: ٩٩]؛ فاليقين عِنْدهم هُو معرفَة هَذِه الحَقِيقَة».

عقد المصنف مقارنة بين ما عليه القدرية الذين هم المعتزلة، وبين ما عليه هؤلاء الصوفية الجبرية، والمقارنة في ناحيتين:

١ من ناحية الحقيقة الكونية القدرية.

٢ ومن ناحية الحقيقة الدينية الشرعية.

<<  <   >  >>