للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف : «وكلما قوي طمعُ العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته- قَوِيت عبوديتُه له، وحُرِّيَّتُه مِمَّا سِواه».

الطمع والرجاء يكون في الله ، وكلما قَوِيَا كلما كان هذا دليلًا على قوة العبودية في قلب العبد، فهذه المعاني تظهر في قلبٍ قَوِيت عبوديته لله ، أمَّا إذا ضعفت العبودية فيَقل الطمع والرجاء في الله ﷿، والإنسان حتمًا لا محالة سيلجأ في هذه الحال إلى أحد من الخلق.

فالقلب وعاءُ إذا لم يَمتلأ بعبودية الله ﷿ وإذا لم تَقْوَ فيه هذه المعاني من المحبة والخوف واليقين والرجاء والطمع في الله والتوكل عليه- استعاض عنها بمعان فاسدة، فالقلب يَصِحُّ ويَمرض- بل ويموت- إذا ابتعد عما خُلِق له وعن موادِّ إحيائه؛ والله يقول: ﴿فإنَّها لا تَعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ [الحج: ٤٦]، ودواؤها في الاستجابة لله ولرسوله ؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: ٢٤]، وصلاح القلوب في ملازمة الصالحين والبُعد عن الغافلين أهل الأهواء؛ قال الله جل وعلا: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨].

<<  <   >  >>